حينما تكون الأمة مجتمعة على هدف واحد وتسير صفاً واحداً فإن دولتها تكون قوية مهيبة الجانب ولا يطمع الأعداء في اقتطاع جزء منها، وحينما تتفرق إلى دويلات وتتعدد أهدافها يسهل على الأعداء إضعاف قوتها والاستيلاء على ما يريدون منها، هذا على مستوى الأمة، وكذلك على مستوى الأفراد، فالجماعة وإن كان فيهم بعض الضعفاء لهم من القوة والهيبة ما ليس للأفراد وإن كانوا أقوياء، وفي هذا المعنى يقول رسوله الله صلى الله عليه وسلم: "إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً - وشبك بين أصابعه- أخرجه الشيخان [14] فالبناء مكون من مجموعة من المواد المتناثرة التي يسهل على اللصوص اختطاف شيء منها ولكن حينما تجتمع هذه المواد وتدخلها يد الفن والتعمير تصبح قصراً شاهقاً يصعب اقتطاع جزء منه ويصبح له كيان يدهش الناظر ويعجب المتأمل.

وحينما كانت الأمة الإسلامية دولة واحدة لم يكن الأعداء يقدمون على الاستيلاء على أراضيها بالرغم من ضعف دولة الإسلام آنذاك وحينما استطاع الأعداء أن يقضوا على الخلافة الإسلامية هان عليهم الاستيلاء على أجزاء كثيرة من بلاد الإسلام.

ولقد وقف الأعداء حائرين زمناً طويلاً أمام وحدة هذه الأمة فلم يستطيعوا أن يقتطعوا منها شيئاً لأن هيبة الدولة الإسلامية واجتماع الكلمة كانت تقف سدا منيعا أمام كل محاولاتهم بالرغم مما كان يعتري وحدة الأمة الإسلامية من التصدع والضعف، ولكن اجتماع الكلمة مهما كانت نسبته من القوة والتماسك خير من الفرقة والخلاف.

أثر لزوم الجماعة في النصر على الأعداء

إن الجماعة المؤمنة حينما تكون صفاً متماسكاً وتواجه أعدائها وهى كتلة واحدة جديرة أن تظفر بنصر الله جل وعلا وأن تحول بين أعدائها ومحاولة تفتيت شملها وأضعاف قوتها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015