الآية السادسة في قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ} (16) الآيتان (15) (16) من سورة يونس.
تتضمن الآية الأولى من هاتين الآيتين الكريمتين أن كفار قريش الذين لا يؤمنون بالبعث كانوا يقولون للرسول صلى الله عليه وسلم حين يتلو عليهم آيات من القرآن واضحات نيرات ليس فيها لبس ولا غموض، كانوا يقولون له ائت بقرآن غير هذا القرآن الذي تتلوه علينا أو بدل بعض آياته وغير من أنماطه، فيقول لهم الرسول صلى الله عليه وسلم لا أستطيع أن أفعل ذلك من قبل نفسي، فأنا لا أتبع إلا ما يوحى إلي من غير زيادة ولا نقصان ولا تبديل ولا تحريف ولا افتراء، أنا عبدٌ مأمورٌ مبلغٌ، إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم. وفي الآية الثانية أمر الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهؤلاء الكفار محتجا عليهم موبخا لهم: لو شاء ربي ما تلوت هذا القرآن عليكم ولا أعلمكم به على لساني، فأنا أتلوه عليكم بمشيئته تعالى، فما هذا التكذيب الذي تكذبون، لقد لبثت فيكم من قبل هذا أربعين سنة أو تزيد، تشهدون لي بالأمانة والصدق، لم تأخذوا علي نقيصة ولا غمصاً، فكيف أصبح فجأة كاذبا على الله بهذا القرآن. لقد ضاعت عقولكم، وسقم فهمكم، وساء تفكيركم، وضل عنكم الهدى والرأي أيها المكذبون.