هذا إجماع من كل الذين عنوا بدراسة شخصية هذا الرجل الموهوب الموفق، وما أكثرهم من جميع الأجناس والبلاد، وما أعتقد أن رجلا حاز إعجاب جميع الناس بمثل ما ناله الملك عبد العزيز آل سعود فهو جدير بأن يقتدى به ويتخذ مثلا أعلى في سيرته وأعماله، وإذا كان الكُتَّاب والمفكرون والساسة في جميع أنحاء العالم قد شغلهم ظهور هذه الشخصية الفذة، فقد أجمعوا على الحب والتقدير والإعجاب بما قام به الملك عبد العزيز، فقد تسابق رؤساء الدول الكبيرة إلى اللقاء به، ورؤيته عن قرب، وإلى الاجتماع به للصداقة، ولصالح العالم، ولمعرفة رأيه في كثير من المشاكل الدولية، ولقد حرص الرئيس الأمريكي فرانكلن روزفلت رئيس الجمهوريات الأمريكية على رؤيته والتحدث إليه، ففي إبان الحرب العالمية الثانية طلب الاجتماع بالملك عبد العزيز، وكان روزفلت بمصر والحرب لا تزال مستمرة، وألمانيا موجهة كل عتادها إلى منطقة الشرق الأوسط، لذلك فقد كان أمر هذه المقابلة في غاية السرية خوفا من الطائرات، ووافق الملك، فجاء أحد الطرادات الأمريكية إلى جدة، وأبحر الملك عبد العزيز ومن معه إلى قناة السويس، ثم إلى البحيرات المرة قريبا من مدينة الإسماعيلية، حيث كان الرئيس ينتظره على سطح طراد آخر.
رحب الرئيس روزفلت بالملك عبد العزيز، وقال:
"إن على رؤساء العالم أن يتحينوا الفرص، ليتحدث بعضهم إلى بعض، ويتفاهموا، ويتعاونوا على حل ما استعصى عليهم من أمورهم" [29] .
ولقد أعجب روزفلت بابن سعود إعجابا لا حد له، فلقد بهرته شخصية الزعيم العربي الأكبر، وقد طابق ما سمع عنه ما رأى الآن، بل ما رآه كان أعظم بكثير مما سمع، وقال له:
"كنت أود أن أجتمع بك قبل هذا".