لقد كان الإمام كريما إلى حد الإسراف في الجود والعطاء، فهو سمح لا قيمة للمال عنده ما دام ينفق في سبيل الله، وفي أوجه الخير، وإنه ليصطحب معه دائما في سيارته بِدَراً من الريالات، يوزعها على الفقراء في طريقه في ذهابه إلى مقر عمله الرسمي، وفي عودته. أعطى ذات مرة فقيرا صرة من المال، فأخبره السائق أنها صرة من الجنيهات لا الريالات الفضية، وبها 355 جنيه ذهبي، فنادى السائل، ولما أقبل قال له رحمه الله: "أردت أن أهبك ريالات، وما نويت إلا هذا، ولكن الله هو الذي وهبك هذا الذهب، فاشكر الله وحده، واشتر بما أخذت نخيلا، واعمل ولا تكسل" [9] .

ولقد عتب عليه أحد رجاله يوما، وسأله أن يفكر بالاقتصاد قليلا، فقال له:

"وهل أغنت عن عبد الحميد ملايينه، إن أجدادي لم يحملوا في خزائنهم فلسا، وأنا أسير سيرتهم، وأفعل ما فعلوا".

قال له يوما بعض الناس: "إنك تعطي كثيرا!! فلو اقتصدت!! ".

فقال:

"إن الله عودني عادة أن يتفضل عليّ وعودْتُ عباده عادة أن أوسع عليهم، فأخاف أن أقطع عادتي، فيقطع الله عادته عني، وأنا لن أبني بها قصرا، ولن أشتري بها مزرعة. كل

ما يرد أنفقه على المسلمين؛ وهذا حق لهم" [10] .

وسمعت من أحد كبار العلماء الأفاضل، وهو واحد من ثلاثة، أتوا إلى الملك عبد العزيز، ليعرضوا عليه مشروع نشر بعض كتب السلف، من التفسير والحديث والمذهب الحنبلي والتاريخ الإسلامي، وكان - رحمه الله - يعرف جهدهم، وخبرتهم، مما اطلع عليه من تحقيق وتأليف لهم، وحدث في أثناء وجودهم معه أن جاء أول مبلغ من البترول، وكان مبلغا لا يستهان به في ذلك الوقت، فقسمه ثلاثا، وأعطاهم الثلث قائلا:

"انشروا ما استطعتم من كتب السلف".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015