(4) إذا كان القانون الوضعي قد انتهى إلى وجوب التفريق بين الشهود حتى يؤدي كل شاهد شهادته على انفراد (مادة 84 إثبات مصري والمادة 29 من مشروع قانون الإثبات السوداني لسنة 1981) . فإن الإمام علي- رضي الله عنه- هو أول من فرق بينهم في مجلس القضاء، كما ذكر ذلك الكندي في القضاء، وابن القيم في الطرق الحكمية، وخلاصته أن شاباً شكا أن نفراً خرجوا مع أبيه للتجارة وكان معه مال كثير، فعادوا دونه، فرفع الأمر إلى شريح الذي استحلفهم وخلى سبيلهم. ثم رفع الأمر إلى علي- رضي الله عنه- الذي وكل بكل شاهد رجلين وأوصاهم ألا يمكنوا بعضهم من بعض، ولا يمكنوا أحداً أن يكلمهم، ثم دعا كاتبه ونادى عليهم واحداً واحداً يسألهم عن يوم خروجهم، ونزولهم، وأين مات، أبو الفتى، ومن صلى عليه، وأين دفن، فلما رأى اختلافهم ضيق عليهم فأقروا بالقضية [10] .
مقارنة بين الشهادة والإقرار:
(1) الشهادة حجة كاملة لاتصال القضاء بها، لأن القاضي ولايته عامة وتتعدى إلى الكل، أما الإقرار فإنه حجة قاصرة على المقر وحده، ولا يحاسب الغير بإقراره، وذلك لقصور ولايته على غيره، ولذا فإنه لو أقر مجهول النسب بالرق جاز على نفسه وماله ولا يسري هذا الإقرار على أولاده.
(2) الشهادة لا توجب حقا إلا باتصال القضاء بها، أما الإقرار فإنه موجب للحق بنفسه عند عامة الفقهاء وإن لم يتصل به القضاء. والجدير بالذكر أن القانون الوضعي لا يعترف إلا بالإقرار القضائي، أما الإقرار في غير مجلس القضاء فلا عبرة له عندهم (مادة 16 من مشروع قانون الإثبات السوداني لسنة 1981) .
(3) يصح الإقرار بالمعلوم والمجهول، ويقبل إقراره، بخلاف الشهادة فإنها لا تكون إلا بعد العلم بالمشهود به. فلو قال لفلان علىّ دين أو حق، قبل، ولو أقر بزناه بامرأة لا يعرفها حد ولابد من علم الشهود بالمشهود عليه فلو قالوا لا نعرفها ترد شهادتهم.