ب- ومعلوم أن (على) تفيد معنى الإستعلاء كما سيأتي الكلام على ذلك لكنها قد تأتي مفيدة معنى الباء نحو قوله تعال: {حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقّ} (الأعراف: 105) أي حقيق بأن لا أقول، وقد قرأ أبي بن كعب المتوفى سنة 21 هـ الآية المتقدمة بالباء، وقد سمع: اركب على اسم الله أي اركب باسم الله [14] .

وقال امرؤ القيس:

عن دم عمرو على مرتد [15]

بأي علاقتنا ترغبون

أراد: ترغبون عن دم عمرو بدم مرتد وليس بدونه.

وقال أبو ذؤيب الهذلي:

يَسَرٌ يفيض على القداح ويَصْدَع [16]

فكأنهنَّ ربابة وكأنه

أي يفيض بالقداح أي يضرب بها.

فيلاحظ أن (على) قد تأتى بمعنى (الباء) كما يشهد لذلك الأمثلة المتقدمة [17] .

الباء- من:

قد ترد (الباء) المتقدمة في الأساليب مفيدة معنى التبعيض مقترضة هذا المعنى من (من) قال بهذا الأصمعي والفارسي والقتبي وابن مالك والكوفيون [18] ، وجعلوا من ذلك قوله تعالى: {عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} (الإنسان: 6) أي يشرب منها عباد الله، ومن ذلك قول أبي ذؤيب [19] الهذلي:

متى لحج خضر لهن نئيج

شربن بما البحر ثم ترفعت

أي شربن من ماء البحر.

وقول جميل [20] :

شرب النزيف ببرد ماء الحشرج

فلثمت فاها آخذاً بقرونها

أي شرب النزيف من برد ماء الحشرج، فقد جاءت (الباء) بمعنى (من) فيما تقدم.

ب- ومن المعلوم أن (من) تفيد ابتداء الغاية حتى ادعى جماعة أن سائر معانيها راجعة إليه [21] لكن الأرجح أن ابتداء الغاية مطلقاً هو أشهر معانيها قال السيوطي في المطالع السعيدة [22] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015