ومعلوم يقيناًَ أن البنك يبيع ما ليس عنده باتفاقه مع المشتري الذي يسمونه وعداً بالبيع، والحال أنه تعهد مكتوب موقع عليه يلتزم به المسلم على الأقل أخلاقياًَ وأدبياًَ ولا يجوز للمسلم أن يخلف وعده حقاًَ إن البنك لا يقاضي من يتخلف عن هذا الوعد ويطالبه أمام المحاكم بإنجاز ما وعد [1] ولكنه يكبله بتوقيع ووعد يلزمه أخلاقياًَ على الأقل أن يشتري، وهل هناك بيع أظهر من هذا وأوضح.
(جـ) بيعتين في بيعة:
هذه المعاملة التي يتبايعون فيها في البنوك الإِسلامية هي بيعتان في بيعة. وقد جاءت النصوص وكلام السلف بالنهي عن ذلك فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن بيعتين في بيعة. قال الإِمام ابن تيمية: "وفي السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لمن باع بيعتين في بيعة "فله أوكسهما أو الربا " وهذا إن تواطأ على أن يبيع ثم يبتاع فما له إلا الأوكس وهو الثمن الأقل أو الربا"أ. هـ فتاوى ج 29 ص 447 ولاشك أن الشراء الأول للبنك ثم البيع ما هما إلا عمليتان اثنتان في صفقة واحدة قصد بها التحايل على الربا.
(د) القضية كلها تحايل لأخذ الربا:
وهذه المسألة برمتها ما هي إلا دورة طويلة، القصد منها التوصل إلى الربا بغطاء شرعي. ولهذا قال ابن قدامة بعد أن ساق بعض المعاملات التي ظاهرها الشرع وباطنها التوصل إلى محرم: قال: "والحيل كلها محرمة غير جائزة في شيء من الدين وهو أن يظهر عقداً مباحاًَ يريد به محرماً مخادعة، وتوسلاً إلى فعل ما حرم الله، واستباحة محظوراته أو إسقاط واجب، أو دفع حق، ونحو ذلك، قال أيوب السختيانى: "إنهم ليخادعون الله كما يخادعون صبياً، لو كانوا يأتون الأمور على وجهه كان أهون علي "أهـ.