أقول: لقد زال تفرد قتيبة برواية أبي داود عن الرملي، ومن طريق أبي داود رواه البيهقي [62] .لكنه قال: عن الليث بن سعد: " فجعل الليث شيخ المفضل وإنما هو قرينه ". ولم ينتبه الحافظ ابن القيم فقال: " فهذا المفضل قد تابع قتيبة، وإن كان قتيبة أجل من المفضل وأحفظ، لكن زال تفرد قتيبة به، ثم أن قتيبة صرح بالسماع فقال: حدثنا ولم يعنعن، فكيف يقدح في سماعه، مع أنه بالمكان الذي جعله الله به من الأمانة، والحفظ، والثقة، والعدالة " [63] انتهى
والصواب: أن الذي تابع قتيبة إنما هو الرملي لكنه خالف في اسناده فقال: الليث عن هشام بن سعد، عن أبي الزبير عن أبي الطفيل، فإما أن يصار إلى الجمع فيقال الليث بن سعد فيه اسنادان عن أبي الطفيل روى أحدهما قتيبة والآخر الرملي، وأما يصار إلى الترجيح فيقال: قتيبة أجل وأحفظ من الرملي فروايته أصح، والجمع أولى [64] .
وأما أشار إليه الترمذي من حديث قرة بن خالد فرواه مسلم كما سبق ذكره، ورواه أيضاً الإمام أحمد في مسنده [65] وحديث مالك رواه أبو داود كما سبق ذكره ورواه مالك في موطئه أيضاً [66] .
وقد أطال العلماء الكلام في رواية قتيبة بن سعيد وملخص هذه الأقوال كما ذكره الشوكاني هي خمسة:
أحدها: أنه حسن غريب كما قال الترمذي.
الثاني: أنه محفوظ صحيح قاله ابن حبان.
الثالث: أنه منكر قاله أبو داود.
الرابع: أنه منقطع قاله ابن حزم.
الخامس: أنه موضوع. قاله الحاكم. انتهى [67] .
أقول: هذه الأقوال تدور حول علتين. إحداهما تفرد قتيبة بن سعيد، والثانية عنعنة يزيد بن أبي حبيب ويجاب عن الأولى بأن قتيبة بن سعيد ثقة ثبت كما قال الحافظ، فلا يضر تفرده كما هو معلوم في علم الحديث وتخطيئة الثقات بالظن أمر مرفوض لأنه يؤدي إلى الشك في جميع الثقات.