فاقبلوا صدقته، أمر ندب لا أيجاب، ولا تناقض بين هذا الحديث, والحديث المتقدم " صلاة السفر ركعتان تمام غير قصر " أي غير ناقص في الأجر والثواب لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم وأمره بذلك ما فيه من العلة.
قال الخطابي: " وفي هذا حجة لمن ذهب إلى أن الاتمام هو الأصل، ألا ترى أنهما قد تعجبا من القصر مع عدم شروط الخوف, فلوا كان أصل صلاة المسافر ركعتين لم يتعجبا من ذلك ". انتهى.
قال الربيع: " قال الشافعي: فدل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن القصر في السفر بلا خوف صدقة من الله، والصدقة رخصة لا حتم من الله أن يقصروا ".
ودل على أن يقصروا في السفر بلا خوف إن شاء المسافر، وأ ن عائشة قالت: كل ذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أتم في السفر وقصر " [20] .
وقد روى أبن مردويه عن ابن عمر أنه قال: الركعتين في السفر رخصة نزلت من السماء فإ ن شئتم فردوها [21] .
وحديث عمر بن الخطاب هذا أولى بالقبول لأنه لا يحتمل كما يحتمل قول عائشة فإن فيه التصريح بأنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية الكريمة فقال: " إن القصر في السفر رخصة وكان مشرطاً في بداية الإسلام بالسفر والخوف وبعد ذهاب الخوف هي هدية من الله فمن شاء قبلها, ومن شاء ردها بينما يحتمل قول عائشة رضي الله عنها بأن يكون ذلك من فقهها أو اجتهادها كما قال العياض وغيره. قال البغوي قوله – صدقة تصدق الله بها عليكم – دليل على أن القصر رخصة وإباحة لا عزيمة " [22] .
2-حديث انس بن مالك (رجل من بني عبد الله بن كعب) .