صحيح أن بعض المؤرخين المحدثين - مثل المؤرخ الأستاذ محمد بن عبد الله عنان - لم تتح له الفرصة للاطلاع على المصادر التركية للفتح الإسلامي للقسطنطينية، ولم يعتمد في تاريخه للفتح إلا على المصادر المعادية للعثمانيين، وهي مصادر أوربية على رأسها رواية فرانتشز، وهذا عدو شخصي للفاتح؛ لأنه - أي فرانتشز - كان من رجال القصر البيزنطي، وحارب في الجيش البيزنطي ضد جيوش المسلمين وعلى رأسها الفاتح، ثم استطاع فرانتشز هذا أن يهرب ويكتب تاريخا للفتح به حقد كبير على العثمانيين؛ لذلك السبب نصّب المؤرخ عنان نفسه مدافعا عن الحضارة الرومانية البيزنطية، مستنكرا الفتح العثماني للقسطنطينية، إلا أن تعصب بعض مؤرخينا ضد الفتح سيزول عندما تترجم المصادر العثمانية إلى اللغة العربية.

كانت حياة السلطان محمد الفتح زاخرة بالعلم وبالحرب، فمن الناحية العلمية كان الفاتح يجيد عدة لغات بجانب لغته التركية؛ فقد كان يجيد العربية والفارسية واليونانية واللاتينية بجانب اللغة العبرية.

قام الفاتح بتوسيع فكرة المدرسة العثمانية فأنشأ المدارس الكبيرة وأدخل فيها العلوم العملية بجانب العلوم الدينية، وبفضل الفتح أصبحت الدولة العثمانية في عهده الدولة الأولى في العالم في بناء السفن والمواد الحربية.

وعرف عن الفاتح حب العلماء واستقدامهم من البلاد الأخرى، ومن أبرز علماء عصره آق شمس الدين المولى الكوراني والمولى خسرو وعلي قوشجي وخواجه زاده ومصلح الدين أفندي.

وفي عهد الفاتح بدأ ضرب النقود الذهبية، ومن دلالات هذا غنى الدولة العمثانية، وتسامح هذا السلطان تجاه رجال الدين الأجانب مثال بالغ الدلالة على المفهوم الإسلامي الحقيقي في النظر إلى الأقليات الدينية التي تعيش في كنف المسلمين، وكان هذا التسامح في وقت اشتد فيه الصراع المذهبي في أوربا مما كان يدفع الأوربي للإضرار بمن يؤمن بدينه ويختلف عنه في المذهب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015