ثم يرسل إليه كتاباً ثانياً , والذي بين أيدينا منه قطعة فيها تهنئة بالظفر , ثم يأمره بالإسراع بقتل الأسارى , ليتعظ غيرهم بما نالهم , فليس في قتل هؤلاء الكفار مراجعة , ولا للشرع في إبقائهم فسحة , ولا في استبقاء واحد منهم مصلحة [4] . فالله قد أباح قتلهم لغدرهم , أن الغرض من ذلك تهديد غيرهم , فالجرم الذي اقترفوه كبير , لولا لطف الله العلي القدير.

ويلحق هذا الكتاب بثالث , ويستعجله فيه بضرورة القضاء عليهم ونصه "قد تكرر القول في معنى أسارى بحر الحجاز , فلا تذر على الأرض من الكافرين ديارا [5] , ولا توردهم بعد ماء البحر إلا نارا , فأقلهم إذا بقى جنى الأمر الأصعب ’, ومتى لم تعجل الراحة منهم , وعدت العاقبة بالأشق الأتعب " [6]

وتنفيذ لأوامر السلطان صلاح الدين , تولى الصوفية والفقهاء قتلهم [7] جميعا, وهذه الرسائل الثلاث في قصرها تشبه البرقيات في عصرنا الحالي , كما أنها تدل على حنكة عسكرية من السلطان صلاح الدين القائد المظفر , إذ يرى ضرورة القضاء على هؤلاء الأسارى ’ شارحا في إيجار الدواعي التي من أجلها يأمر بالقضاء عليهم , وألا يستثنى من هذا الحكم أحدا منهم.

وقد اهتم المؤرخون بالاحتفاظ بالرسالة الأولى كاملة تقريباً , أما الرسالتان التاليتان , فقد احتفظوا بقطعتين منهما.

وكان لهذه السرعة وهذا الإيجار أثرهما في أسلوب هذه الرسائل , فالمقدمة في الكتاب الأول قصيرة , وأرجح أن مقدمة الكتابين التاليين كانت تنهج نفس السبيل , ولم تسهب الرسالة الأولى في وصف سير المعركة , وكذلك بالنسبة لوصف الأسارى والانتصار عليهم , وطلب السلطان صلاح الدين القضاء عليهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015