ومضينا إلى أن قطعنا ما يزيد عن خمسة كيلو ترك قائد السيارة الطريق الذي كنا جئنا منه ومال إلى اليسار مفضلا أن يكون الرجوع في طريق آخر من أجل أن نرى مناظر جديدة، وهذا الطريق أفضل من الآخر أيضاً. ويجب أن يمر على جسر فوق النهر والجسر مصنوع من قصب البامبو، فإذا شاب واقف يطلب من السائق الوقوف وأخذ كل منهما يرطن للآخر وفهمت أن نزاعا حصل بينهما. لأن طبيعة الأندونيسيين هادئة لا يرفع أحد صوته على الآخر في المخاطبات العادية فسألت ماذا حصل فقيل لي أن هذا الجسر صنعه أهل هذه القرية ولذلك عينوا لهم مندوباً هنا يأخذ من المارة ضريبة. فسألت: كم روبية يأخذون منا الآن قالوا خمسمائة روبية. أي ما يعادل ريالين بالعملة السعودية، قلت: أعطوهم فأعطوهم ومررنا. وهذا الجسر يبقى في الفترة التي يكون فيها ماء النهر قليلاً أما إذا جاءت الأمطار وفاض النهر فإنه يحمل الجسر مع أول قافلة من قوافله القوية.
حركة دائبة:
وكنا- ونحن نسير في الطريق- نرى كثرة الناس: فلاحين يحملون على ظهورهم قصب البامبو أو أنواعاً أخرى من الفواكه والثمار ومنهم من يحمل على دراجة عادية ومنهم من يحمل العربة التي تجرها الخيول أو البقر، وقد يحملون الدراجة العادية بحمل ثقيل ثم يتعاون اثنان أو ثلاثة في دفع هذه الدراجة.
ورأينا عجائز من النساء طعن في السن وهن يقدن الدراجات العادية لمسافات طويلة - أما الفتيات فالأمر طبيعي بالنسبة لهن، وقد لا يفرق الإنسان بين الفتاة والعجوز إلا إذا اقتربت منه لأن الأحجام متقاربة وكذلك الألبسة، وعندما دخلنا المدينة مررنا بالفندق لاصطحاب الابن عبد البر معنا. لأنه فضل النوم ولم يرافقنا إلى البحر وقد ندم على ذلك.