وذكر الإمام الشوكاني أن معنى الآية أَن الله تعالى غني عن شكركم، لا يحتاج إليه ولا يلحقه بذلك نقص، وهو سبحانه مستوجبٌ للحمد لذاته، لكثرة إنعامه وإن لم تشكروه أو يحمده غيركم من الملائكة [3] .
وجاء في تيسير الكريم الرحمن أن المعنى أن الطاعات لا تزيد في ملكه والمعاصي لا تنقص، وهو كامل الغنى، حميد في ذاته، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، ليست له من الصفات إلا كل صفة حمد وكمال، ولا من الأسماء إلا كل اسم حسن، ولا من الأفعال إلا كل فعل جميل [4] .
وجاء في صفوة التفاسير أن معنى الآية أنه سبحانه غني عن شكر عباده، مستحق للحمد في ذاته، وهو المحمود وإن كفره من كفره [5] .
أقول:
واقتران اسم (الحميد) سبحانه باسم (الغني) جل وعلا، أفهم منه أنه تبارك وتعالى هو الغني غنىً مطلقا، وجميع خزائن أنواع الخير لديه، بَيْدَ أنه لا يُنزل منها على عباده إلا بمقادير معينة بحكمة تامة، كما يقول تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} (الحجرات آية 21) ، ومن ثم فهو سبحانه لا يحتاج إلى واحد من خلقه مهما علا قدره وامتد سلطانه، إذ الحاجة مظهر من مظاهر الضعف، والضعيف المحتاج إلى غيره لا يصلح أَن يكون إلهاً، ولما كان الله عز وجل من صفاته الغنى المطلق عن كل ما خلق، فإنه الجدير حقاً بأن يكون رباً وإلهاً لجميع ما خلق، وأنَّ كل خلقه محتاجون إليه أعظم احتياج، ومدينون له بكافة أنواع الحمد، لأنه مصدر كافة أنواع النعم، وفي هذا يقول عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} (فاطر آية 15) .