وكتب بذلك إلى أمير المؤمنين، يستأذنه، فسأل عمر الرسول، هل يحول بيني وبين المسلمين ماء؟ قال: نعم، يا أمير المؤمنين، إذا جرى النيل.
فكتب عمر إلى عمرو، إني لا أحب أن تنزل المسلمين منزلاً يحول الماء بيني وبينهم في شتاء ولا صيف.
فتحول عمرو بن العاص من الإسكندرية إلى الفسطاط [41] .
ولما هم عمرو بمغادرة الإسكندرية استخلف عليها عبد الله بن حذافة السهمي، ومعه جماعة من المسلمين لحمايتها، ورد العدو عنها إذا حاول غزوها، ولكن الروم الذين كانوا بالإسكندرية نظروا إلى المسلمين فإذا هم قلة لا يستطيعون دفعا ولا نصرا.
فأغرتم قلة المسلمين، وأثارت الحماس في نفوسهم حياة الذل التي يعيشونها في الإسكندرية بعد أن ضربت عليهم الجزية، فكتبوا بذلك كله إلى قسطنطين بن هرقل الذي تولى أمر الروم بعد وفاة أبيه.
ولم تكد رسالة أهل الإسكندرية تصل إلى قسطنطين حتى عبأ ثلاثمائة مركب بالرجال والسلاح، وأسند قيادة تلك الحملة إلى منويل الخصي، واتجه منويل بجيشه نحو الإسكندرية وانضم إليه من كان مقيما بها من الروم [42] ، وقتل من بها من المسلمين إلا من استطاع الهرب [43] .