ومن ذلك أن الله تبارك وتعالى خمر الخمر تحريما قاطعا بحيث لا يقرب الإنسان حماها، لأنها فضلا عن إصابتها العقل – مناط الإدراك في الإنسان – بالشلل بحيث يعيش منقادا لغيره عديم الإرادة كالحيوان، فإنها توقع العداوة والبغضاء بين الذين سقطوا في تعاطيها، وتصدهم عن الله صدا كبيرا، يقول جل ذكره {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} .

وبينت السنة النبوية المطهرة العقوبة الواجبة التي يستحقها من يشرب الخمر حماية لعقول الأمة وتجنيباً للعلل والأسقام عن الفتك بصحة أجسامها وأخلاقها بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كل من ساهم في إبراز الخمر إلى حيز الوجود وإعدادها لتكون في متناول الشاربين، فلعن عاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وشاربها، ومعنى هذا أن كل من يسهم بنصيب في تيسير أمر تعاطيها تنسحب عليه لعنة الله التي تتضمن طرده من رحمته.

وإن أخطر من ينالهم شر هذه الخمر المتوهج، إنما هو الشباب الذي تعلق عليه الأمة عريض أمالها وتعهد إليه فيما بعد جسام مسؤولياتها، إذا لو أن الخمر ملكت عليه نفسه وأصرت لبه وتمكنت من قلبه لأفسدت عليه حياته وقوضت عليه أركانه ومن ثم ضاعت ما كانت الأمة تأمله فيه من خير.

ويلحق بالخمر في حكمها وآثارها الخطيرة كافة المخدرات والمفترات ومشتقاتهما من بيرة وحشيش وأفيون وكوكايين وقات وما شاكل ذلك بأي اسم وبأي لون مما يعد من أكبر المعاول في تدمير صرح الأمة والقضاء على كيانها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015