وأما على رأي من يقول: إن سؤال حمزة كان عن صيام التطوع فإنه ليس في الحديث ما يشير إلى تخصيص السؤال بذلك

وعلى فرض أن السؤال كان في صيام التطوع؟ فإن العبرة برد الرسول عليه الصلاة والسلام الذي جاء بصيغة عامة تشمل جميع أنواع الصيام سواء كان صيام فرض أو تطوع.

وحتى لو كانت الإجابة تخصص بنوع السؤال وهذا على افتراض أن السؤال كان عن صيام التطوع، فإن هذا الحكم يشمل صيام شهر رمضان من باب أولى، لأنه إذا تكبد الإنسان صيام التطوع في السفر وليس عليه في تركه شيء فإن تكبده الصيام الواجب من باب أولى، لأنه إن تركه سيكون دينا عليه..

وقد نوقش هذا الحديث، بأن الرخصة المشار إليها فيه قد خرجت من باب التخيير للعبد، إلى وجوب الالتزام بها، إذ جاء في نهاية الحديث "ليس البر أن تصوموا في السفر" زيادة توجب قبولها، وهي قوله صلى الله عليه وسلم: "عليكم برخصة الله التي رخص لكم" [6]

يجاب عن ذلك، بأنه جاء في صحيح مسلم ما يفيد أن هذه الزيادة غير محفوظة، إذ قال شعبة: "وكان يبلغني عن يحي بن أبي كثير أنه كان يزيد في هذا الحديث ليس البر.. الخ وفي هذا الإسناد أنه قال: عليكم برخصة الله الذي رخص لكم. قال: فلما سألته لم يحفظه [7] .

وعلى فرض صحة هذه الزيادة، فإنه يجاب عنها بأن الأمر هنا خاص بمثل هذا الرجل الذي ترك الرخصة وفضل عليها إهلاك نفسه أو بمن ترك الرخصة رغبة عنها. ((والله أعلم)) .

الدليل الرابع:

عدم إنكاره صلى الله عليه وسلم على من كان يصوم في سفره معه، فقد جاء في حديث أبي سعيد قوله: "كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فما يعاب على الصائم صومه ولا على المفطر إفطاره" [8] .

ومعلوم أن القصد: من ذكر ما يفيد المعية هنا وإيراد: يعاب بصيغة، البناء للمجهول: تأكيد اطلاع الرسول عليه الصلاة والسلام على حالهم وأنه مع ذلك لم يعب على الصائم صومه ولا على المفطر إفطاره..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015