* إن المتتبع في وعي لروايات السيرة حول نشأة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه يجد نفسه بازاء أخبار من حقها –لو صحت- أن تهيء ذهنه صلى الله عليه وسلم لاستقبال النبأ العظيم.. وفي مقدمة هذه الروايات خبر بحيرا، الذي تقدمه الرواية على أنه راهب عربي، اتخذ طريق القوافل على حدود الشام صومعة يعبد بها ربه، حتى إذا مرّ به ركب قريش، وفيه أبو طالب وابن أخيه – الذي لم يتجاوز الثانية عشرة بعد - شدّت انتباهه ظاهرة غير مألوفة ما لبث أن تحرك لاستكشافها، فدعا القوم لطعامه، وأكد عليهم أن لا يتخلف عنه أحد منهم ومن ثم شرع في تحريه، استقراء عن طريق العلامات المميزة، واستنطاقا بالأسئلة التي طرحها على الغلام المنشود، حتى استيقن الحقيقة التي يتطلع إليها أولو العلم من أحبار يهود ورهبان النصارى.. وهنا تنتهي قصة بحيرا لدى ابن هشام وابن كثير [1] ثم يواصل الثاني حديثه عن بحيرى برواية ٌراد أبي نوح، التي تقول إن بحيرا قد أعلن قناعته بكون هذا اليتيم هو المبعوث المنتظر [2] .

ثم تأتي الرواية الأخرى عن رحلته صلى الله عليه وسلم بتجارة الطاهرة – خديجة - إلى الشام، حيث أتيح لفتاها ميسرة أن يرى ويسمع من خلال محمد صلى الله عليه وسلم ما ملأ قلبه إعجابا وتقديرا.

ولا تقف الرواية عند هذا الحد، بل تضم إليه أيضا بعض المشاهد الخارقة التي أحاطت بالرفيق الكريم أثناء الرحلة، من تظليل الغمامة ورعاية الملكي له.. وإخبار راهب نصراني لمسيرة بما يفيد أن رفيقه مرشح لمقام النبوة [3] .. حتى إذا وصل ركبهما مكة ذهب مسيرة يحدث مولاته خديجة بمرتئياته ومسموعا ته، وبخاصة كلمة الراهب، فلم تتمالك أن مضت إلى ابن عمها ورقة بن نوفل تذكر له حديث ميسرة، فما كان من هذا إلا أن أكد لها توقعات الراهب قائلا: "لئن كان هذا حقا يا خديجة إن محمدا لنبي هذه الأمة [4] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015