يقول: فاتركني يا ابن عمي على طبيعتي وحسن عشرتي فإني لا أقابل إساءتك بمثلها، وهذا هو الواجب عليك وسأشكرك عليه كأنه نعمة أسديتها إليّ، ولو كنت بعيد الديار أسكن في جبل ضرغد.
ألفاظ يتبجح بها كثير من الناس في هذا الزمان كالثورة والجمهورية والديمقراطية والحرية:
وقد شرحتها في مقال: (أيها العرب لا تتخذوا التفرقة وسيلة إلى الوحدة) .
وقد نشر في صحف كثيرة منها مجلة البعث، ومجلة الإيمان المغربية؛ ولذلك لا أطيل القول في شرح هذه الألفاظ.
فالثورة: هي خروج الشعب على حاكمه أو حكامه إذا أساءوا التصرف وجاروا وظلموا، أو لم يكونوا أهلا للأمانة التي جعلت في أيديهم كما وقع في الثورة الفرنسية وفي ثورة سكان الولايات المتحدة الأمريكية على حكامهم البريطانيين؛ فإذا توفرت أسباب الثورة، وكان القائم بها هو الشعب، وكان قادتها مخلصين مصلحين لا يريدون بثورتهم رئاسة ولا مالا، وإنما يريدون رفع الجور وإزالة الفساد وتحرير الشعب، فإن الثورة يكتب لها النجاح وتؤتي أكلها.
أما إذا كان القائمون بها عصبة لهم مآرب وأغراض قد أوغر صدورهم الحسد وتراءت لهم الأماني فأوقدوا نيران الثورة وأعملوا السلاح في شعبهم وسفكوا الدماء ليتوصلوا للمراتب التي لم يزالوا يمتنونها؛ فقد يتفطن لهم القابضون على زمام الحكم ويخمدون أنفاسهم ويصيرون مسخرة للساخر ويخسرون كل شيء، وقد لا يتفطنون لهم فتنجح الثورة نجاحا مؤقتا إلى أن تسنح الفرصة لعصبة أخرى فيقبضوا عليهم ويسقونهم بالكأس التي سقوا بها غيرهم، فيقال فيهم ما قيل في أبي مسلم الخرساني:
ظننت أن الدين لا يقتضي
فاستوف بالكيل أبا مجرم
أشرب بكأس كنت أنت تسقي بها
أمر في الحلق من العلقم