إنه بحق دين الإصلاح الشامل، ودين التربية الكاملة، وهو مع ذلك دين الرحمة والرفق واليسر {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} ، {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفاً} ، {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج} .
وإذا تحقق للمسلمين حقيقة التمسك بدينهم ساد بينهم الحب والإخاء والسلام، وصاروا على قلب رجل واحد، وحسنت صلتهم بالله تعالى فكان الله وليهم يوفقهم ويسدد خطاهم، وصاروا قوة يحسب العالم لها حسابا، يقدرها الأصدقاء، ويهابها الأعداء. قال الله تعالى: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ، وقال تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} ، وقال تعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} . وما نَصْرُ الله إلا نَصْرُ دينه والتمسك بكتابه، والحفاظ على شريعته وإحياء سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والدعوة إلى الله على بصيرة والجهاد في سبيله لإعلاء كلمته، والدفاع عن المستضعفين من المسلمين. ولا يتحقق نصر الله تعالى لمجرد الانتساب إلى الإسلام، بل لابد من حقيقة إقامة الدين والعمل به وتحكيمه وهيمنته على كل شيء لتكون كلمة الله هي العليا.
وهذه هي أسباب تحقق النصر من عند الله تعالى، قال الله تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ. الذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ} .