يقول الزمخشري في كتابه ربيع الأبرار: "إن الصحابة رضي الله عنهم لما أتوا المدينة بسبي فارس في خلافة عمر بن الخطاب كان فيهم ثلاث بنات ليزدجرد ملك الفرس، فباعوا السبايا وأمر عمر ببيع بنات يزدجرد أيضا، فقال له علي بن أبي طالب: إن بنات الملوك لا يعاملن معاملة غيرهن, فقال: كيف الطريق إلى العمل معهن؟ قال يُقَوّمن, ومهما بلغ ثمنهن قام به من يختارهن، فقوّمن فأخذهن علي بن أبي طالب فدفع واحدة لعبد الله بن عمر وأخرى لولده الحسين وأخرى لمحمد بن أبي بكر الصديق فأولد عبد الله بن عمر ولده سالما وأولد الحسين زين العابدين وأولد محمد ولده القاسم فهؤلاء الثلاثة بنو خالة وأمهاتهم بنات يزدجرد" [11] .
ويقول المبرد في كتابه الكامل: "وكان أهل المدينة يكرهون اتخاذ أمهات الأولاد حتى نشأ فيهم علي بن الحسين وقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله ففاقوا أهل المدينة فقها وورعا فرغب الناس في السراري" [12]
ويقول أحمد أمين رحمه الله: "هؤلاء الأرقاء والموالي أنجبوا في الجيل الثاني لعهد الفتح عددا عديدا، يعد من بعد، من سادات التابعين وخيرة المسلمين، ومن حملة لواء العلم في الإسلام" [13] .
ولما كان عدد الزوجات في الإسلام مقيدا بالأربع وليس مقيدا بالنسبة للإماء، فقد عاشر المسلمون كثيرا من الإماء، وأنجبوا كثيرا من الأولاد والبنات وكثيرا ما كان العرب ينجبون لأنهم يفتخرون بكثرة الأولاد وبذلك اختفى النظام القبلي الذي كان أساس المجتمع العربي من القديم، ولم يقيموا وزنا للدم العربي، ولم يعد لانتقاء الزوجة العربية أي أثر، ووصل بعد ذلك الذين أمهاتهم من الرقيق إلى الخلافة مثل يزيد الثالث في الخلافة الأموية فإن أمه غير عربية، فقد كانت فارسية أسرها القائد قتيبة في الصغد ثم أهداها إلى الوليد فولدت له يزيد.