(2) فإذا انتقلنا إلى لون آخر من الشعر التعليمي في الجاهلية، وهو ذلك الذي أسموه (حقائق الفنون والعلوم والصناعات) وجدنا له مثالاً صارخاً للشاعر الجاهلي (الأخنس بن شهاب) … وهذه القصيدة يذكر فيها سكنى قبائل نجد قبيلة قبيلة، فهي من هذه الناحية تدخل في علم تقويم البلدان- أو ما يسمى بالجغرافية- فمما جاء في هذه القصيدة:-

يسائل أطلالا بها لا تجاوب

فمن يكُ أمسى في بلاد مقامه

كما نمّق العنوان في الرّق كاتب

فلا بنة حطّان بن قيس منازل

عروض إليها يلجؤون وجانب

لكل أناس من معدِ عمارة

وإن يأتهم ناس من الهند هارب

لكيز لها البحران والسِّيف دونه.

جهام أراق ماءه فهو آيب

تطاير من أعجاز حوش كأنها

يحل دونها من اليمامة حاجب

وبكر لها برُّ العراق وإن تخف

لها من جبال منتأى ومذاهب

وصارت تميم بين قفٍ ورملة

إلى الحرة الرجلاء حيث تحارب

وكلب لها خبّ، فرملة عالج

يجالد عنهم خسّر وكتائب

وغسّان حيّ عزّهم في سواهم

لهم شرك حول الرصافة لاحب

وبهراء حيّ قد علمنا مكانهم

برازيق عجم تبتغي من تحارب

وغارت إياد في السّواد ودونها

مع الغيث ما نلقى ومن هو غالب

ونحن أناس لا حجاز بأرضنا

كمعزى الحجاز أعوزتها الزّرائب [18]

ترى رائدات الخيل حول بيوتنا

فالقصيدة- كما ترى- من الشعر التعليمي دون ريب؛ ذلك لأن المقصود منها هو بيان مساكن هذه القبائل في جزيرة العرب والعراق وما إليهما.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015