وفي خلال عامين دراسيين ارتفع وزن جسمي من اثنين وسبعين (كيلو) - وهو الوزن الصحّي لمن كان في مثل طولي- إلى خمسة وتسعين.
كان العقاب سريعا على ما فرطت في نهى الله وفي نصح رسول الله، فصرت بليد الذهن كثير النسيان، لا أستطيع القراءة الواعية أكثر من ساعة أو ساعتين في اليوم، وإذا ما ارتقيت درجا عاليا أو سرت على درب صاعد سقطت من الإعياء, صرت آكل ولا أشبع، وأشرب ولا أرتوي، وأنام ولا أجد الراحة.
مضى على ذلك حين من الدهر وأنا لا أدري أني مصاب بك يا مرض السكر، حتى إذا تمكنت من جسمي وأقمت فيه (القواعد) وأصبحت ذا أمر ونهي وسلطان وجهت إليّ إنذارا غليظ القول شديد النبر: إما الموت وإما الحمية والحرمان، في بضعة أشهر وعلى منهجْ "حسب ابن آدم لقيمات يُقِمن صلبه" استطعت أن أسقط عن جسمي ما اكتسبه من طعام ذلك المنزل، وعدت إنسانا آخر: نشاط جسم، ونشاط عقل، وقدرة على العيش طويلا بين الكتب.
لكنك لم ترحل يا مرض السكر!!
لِمَ تؤثرُ أن تبقى ضيفا،
ضيف ضِرارٍ وخصام لا ضيف وِداد ومحبة؟!
لِمَ تؤثر أن تبقى مستترا،
تنتظر الغفلة مني والعثرة،
لتكشّرَ عن نابٍ ولترميني بحرابٍ ولتسقيَني مرّ عذاب؟!
من أجلك هجرت أطعمة شتى!
من أجلك هُجرتْ أطعمة حلوة!
من أجلك كان طعاميَ قُلاًّ كان شرابيَ ماء!
علامَ تقيمُ وفيمَ تقيمُ وأيان تكون الرحلة؟!
ما أكثر ما ثارت نفسي يا سكر!!
ثارت لتحطّم أغلالك ولتكسر قيدَك،
لكني عدت كسيرا وحسيرا،
أسمع نصحك لي ووعيدك:
أسمع نصحك لي يا مرض السكر:
إنك في أمن وسلام ما دمت قليل طعام،
إن عدتم عدنا والبادئ أظلم.
وصرتُ قليل طعام يا مرضي،
أحيا معك حياة وئام.
لكنك لم ترحل يا مرض السكر!
ما زلت تقيم خفيّا مستترا،
مستترا من خلف حجاب،
تنتظر الغفلة منا والعثرة،