يخبر تبارك وتعالى، عن إنكار الكفار للآخرة، ذلك الإنكار الناشئ عن عدم إدراكهم لحكمة الله تعالى وتقديره، فحكمته لا تترك الناس سدى، يحسن من شاء منهم أن يحسن، ويسيء من شاء ذلك، ثم لا يجازي أحداً منهم على عمله.
ولذلك فهم ينكرون مجيء الساعة التي وعد الله بمجيئها، والتى ينال فيها كل إنسان جزاء عمله، فيقولون: {لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ} ينفون مجيئها نفيا جازما بدون دليل، مع أن مجيء ساعة، ووقتها من الأمور الغيبية وهم لا يعلمون من الغيب شيئا.
فيرد الله عليهم إنكارهم هذا ردا مؤكدا جازما، فيأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقسم بربه على إتيانها ووقوعها قسما مؤكدا فيقولا: {قُلْ} يا محمد مخاطبا هؤلاء الجاحدين للساعة النافين لمجيئها {بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ} فهو إخبار مؤكد بوقوعها من عالم الغيب، وقد تبع ذلك بما لله عز وجل من صفة العلم المحيطة وشاملة لما في هذا الكون كله كبيره وصغيره {عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ} أي لا يغيب {عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ} فمَن كان عمله محيطا بدقائق الأمور بحيث لا يخفى عليه شيء منها، كيف يعجزه إعادة الخلق إلى ما كانوا عليه مرة أخرى؟؟.
ثم بين الحكمة من البعث وقيام الساعة فقال: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ} المؤمنون العاملون {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} لما بدر منهم، {وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} لا من فيه ولا تعب.
كما يجازي الله الكافرين به والمكذبين لرسله الساعين للصد عن سبيله بالعذاب المهين {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ} والرجز سوء العذاب كما قال قتادة [14] .