بهذه الخاصية نستدل على أن الإسلام خول للناس جميعا حرية العيش في الأرض، واستخدام- الوسائل التي تمكنهم من الاستفادة مما خلق الله لهم في السماوات والأرض بشتى الطرف. بل وطلب الإسلام من الإنسان أن يستخدمها ليستفيد ويفيد. فالله سبحانه وتعالى ذلل لهم ما خلق في السماوات وما خلق في الأرض وسخر جميع ما فيها من خيرات ومواد وخامات وجعلها معايش للناس جميعا لا احتكار فيها ولا استئثار فيها لأحد دون أحد، والآيات- التي تشير إلى ذلك وتحث الناس على أن يشكروا لله تلك النعم الكثيرة التي لا تحصى؛ يقوله تعالى من سورة البقرة {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً الآية} وقوله تعالى من سورة الأعراف: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ} وقوله تعالى من سورة الملك: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} فهذه الآيات المتقدمة تشير إلى أن الله خلق جميع ما في الأرض للناس على السواء. والهدف من هذا كله هو الانتفاع بذلك ليكون عونا لهم على عبادته جل وعلا؛ لأنه في الحقيقة لم يُمكن الله العباد في هذه الأرض هذا التمكين ويكشف لهم عن- أسرارها ودواخلها وما تحويه بين طياتها من كنوز ومعادن ومواد إلا ليعبدوه وحده، لا لتسيطر عليهم "مادة"فيعبدوا من دونه فتثقلهم، وتقعدهم عن السمو بأرواحهم، بل ليعيشوا مع خالقهم ورازقهم الذي منحهم هذه الأشياء بمحض كرمه وامتانه، وإلا فإن الله قادر على قهرهم وعدم تمكينهم من أن يتوصلوا إلى كل هذه الاكتشافات، ولكنه سبحانه يبلوهم فيما آتاهم على حد قوله تعالى {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} (الملك) . وبهذا نستطيع تحديد الأبعاد ... ما بين طبيعة المنهج الرباني الذي وضعه الله للناس على علم، وما بين الفلسفات "المادية التي وضعها البشر"، وشتان ما بينهما، فبينما يسخر الله