إلى هذا يشير قوله تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} (الشمس) .
والإسلام يهتم بفطرة الإنسان اهتماما بالغا من جهة، فيدعمها، ويدعو إلى المحافظة على طهرها، ونقائها وتخليصها مما عسى أن يكون قد لا بسها من أخلاط وشوائب، كما أمر تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} (الروم) .
ومن جهة أخرى يحذر الإسلام من الاستسلام لنزغات الشياطين التي أشار إلى بعضها قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} (آل عمران) . وكما أشار قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (يشيبُ أبن آدم ويشيبُ معه خصلتان: الحرصُ، وطول الأمل) (مسلم) .
والإسلام- فوق ذلك كله- يرى أن نزغات الشر تلح على النفوس إلحاحا مستمرا لتوهن من عزماتها وتجذبها لتلقى بها في ساحات الهوى. وبؤر الضلال، لاستمتاع الفاني. والزاد الهباء، وتزيين التشبث بهذه الحياة العاجلة.
والإسلام - من أجل ذلك كله- ربط النفوس بعبادات من شأنها أن تتكرر بين أوقات قريبة متلاحقة لتكون صقلا لها، وغرسا لمبادئ البر فيها غرساَ سليماَ تثمر به وتؤتي أكلها طيبةً بإذن ربها. وبهذا يكون الفرد المسلم شخصية مسلمةً حقاً لها قدر ووزنها عند اللِّه، ثم عند الناس. ومن ثم تصلح نواةَ للأمة المسلمة التي فضلها الله تعالى على أمم العالمين.