ولكن علينا أن نقف وقفة عند هذه الأحداث: "عبد الحميد واليهود"، لأن حاضرنا الذي نعيشه مرتبط أشد الارتباط بهذه الأحداث، لقد ذهب اليهود بقيادة قائد الصهيونية أو مبتدعها "هرتزل"ذهبوا إلى السلطان عبد الحميد يعرضون عليه عروضاً مغرية لو أنه كان يريد الحياة الدنيا، وكان يريد لنفسه المجد والسلطان، فلم يكن ليطلب لنفسه أكثر مما عرضه عليه "هرتزل"له ولدولته، كانت "تركيا"في ذلك الوقت أو "الدولة العثمانية"تدعى "بالرجل المريض"لكثرة المشكلات التي كانت تحيط بها، وتوقعاً لسقوطها ميتة بعد طول المرض، كانت في أزمة اقتصادية حادة، وكانت فيها مشاكل سياسية كثيرة، وكانت الدولة الصليبية لا تكف عن استثارة الأقليات، المسيحية واليهودية لتشغل بال السلطان لكي لا يهدأ ولا يستقر، كانت روسيا تستثير المسيحيين الأرثوذكس لأنها هي أرثوذكسية المذهب، وكانت بريطانيا تتكلف بإثارة الأقليات الكاثوليكية والبروستانتية مع أنها هي بروستانتية، وكانت تلك الأقليات، ومن أبرزها الأقلية الأرمنية لا تكف عن إثارة المشاكل للدولة العثمانية، كل يوم مشكلة في ركن من أركان الدولة، ويضطر "السلطان"أن يضرب بيد من حديد على مثيري الفتن، فيقول الأعداء: انظروا. هذا هو الجلاد، هذا هو الدكتاتور، هذا هو البربري الذي لا يعرف الرحمة يقتلَّ رعاياه، يستثيرونهم ليثوروا ضد الدولة، ضد الإسلام، يريدون أن يقوضوا الإسلام، فإذا فتك بهم، وما كان أمامه إلا أن يفتك بهم، يقولون: "انظروا إلى السفاح".