ليست "لا إله إلا الله"تلك الكلمة العابرة التي صارت إليها في حس المسلمين المتأخرين، كلمة يقولونها، يظنون أنهم بها حازوا الإسلام وهم بعيدون عن معناها، بعيدون عن مقتضاها، بعيدون عن منهجها الشامل التي يشمل الحياة كلها، يقولونها بألسنتهم، وقلوبهم وعقولهم غافلة عنها، وسلوكهم الواقعي مخالف لها أتم المخالفة. وأي مخالفة أكبر وأعظم من أن يحكم المسلمون بشريعة غير شريعة الله وهم ينطقون "لا إله إلا الله"؟ ما معنى "لا إله إلا الله"إذن إذا لم يكن أول مقتضاها أن يتحاكموا على شريعة الله، ماذا بقي منها في واقع الحياة، بقي الصوت والصدى، وما كان المقصود بها أن تكون أصواتا تخرج من أفواه الناس، إنما كان المقصود بها أن تكون واقعا يعايش، كان المقصود بها أن تلغي الجاهلية التي تعبد أرباباً متفرقةً، وتحدث بدلاً من الجاهلية واقعاً جديداً فيه إله واحد يُعبد، لا آلهة متعددة، إله يُعبد في المسجد، وهو ذاته سبحانه يُعبد في كل مكان. أما أن يُعبد الله في المسجد، ويُعبد إله آخر في واقع الحياة، فإن الله سبحانه وتعالى يقول: {وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} (النحل/51) .