ومما يقوي أنه كان اجتهاداً منه، إشارته للآية بعد قوله بالوجوب مما يدل على أن ذلك كان استنباطاً منه للحكم من نص الآية. وقد قلنا: إن الآية وإن كان فيها احتمال لكن السنة قد رفعت عنها هذا الاحتمال.
أما ما نقل عن السيدة عائشة رضي الله عنها من كراهتها للسفر في رمضان، فلما في صومه من عظيم الثواب، وما في قيام ليله من المغفرة والرحمة فالمسافر وإن رخص له في الفطر، لكنه سيفوته ثواب الصيام في نفس الشهر، وسيفوته قيام ليله المؤدي للمغفرة والرحمة، مما ينبغي الحرص عليه.
وهذا في حق من كان يمكنه تأجيل سفره، أما من كان لا يمكنه، وكان التأجيل سيترتب عليه ضرر كبير على المسلم في أهله أو ماله، فليس هناك ما يمنعه، وما قلناه في حق علي رضي الله عنه، يقال فيما نقل عن عبيدة السلماني وغيره من التابعين رضي الله تعالى عنهم.
الدستور الأساسي
قال الفيلسوف (جيبون) :
القرآن مسلم به من حدود الأقيانوس إلى نهر الفانك بأنه الدستور الأساسي. ليس لأصول الدين فحسب بل للأحكام الجنائية والمدنية والشرائع التي عليها مدار نظام المجتمع الإنساني وترتيب شؤونه.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] صحيح مسلم ج1 ص 145 دار التحرير- القاهرة.
[2] لسان العرب ج 8 ص 306 مصورة من طبعة بولاق. مادة رخص.
[3] لسان العرب ج 6 ص 31 مادة سفر.
[4] (والكن: الستر والوقاية، والخفض: الدعة والراحة والاطمئنان) .
[5] صحيح مسلم ج 3 ص 145 دار التحرير. القاهرة.
[6] صحيح البخاري ج 11 ص 45 مع شرحه عمدة القاري. دار الفكر ببيرو.
والكديد: بفتح الكاف وكسر الدال الأولى: موضع بينه، وبين المدينة سبع مراحل أو نحوها وبينه وبين مكة نحو مرحلتين.
[7] المجموع ج 6 ص 216- مطبعة المدني بالقاهرة.
[8] المجموع ج 6 ص 216.