ومن الباب قصصت الشعر، وذلك أنك إذا قصصته فقد سويت بين كل شعرة وأختها فصارت الواحدة كأنها تابعة للأخرى مساوية لها في طريقها، وفي المصباح: قصصته قصاً من باب قتل، قطعته، قال ابن حجر: والمراد هنا قطع النابت على الشفة العليا غير استئصال، وكذا قص الظفر أخذ أعلام من غير استئصال، وبقص الشارب قال طائفة من العلماء، قال الإمام مالك رضي الله عنه: "وتقصيره عندي أولى من حلقه"، وقال: "إحفاء الشارب عندي مُثْلَةٌ"، وسئل عمن يحف شاربه فقال: "أرى أن يوجع ضرباً"، وقال: "يؤدب من جز شاربه ويبالغ في عقوبته؛ لأن حلقه مُثْلَة، وهو فعل النصارى"، وحمل الجزّ والإحفاء والإنهاك على القص لا على الاستئصال. والمراد بالحديث عنده المبالغة في أخذ الشارب حتى يبدو حرف الشفتين. وقال ابن عبد البر يرجح قول مالك: إنما في هذا الباب أصلان أحدهما احفوا وهو لفظ يحتمل التأويل والثاني قص الشارب وهو مفسر والمفسر يقضي على المجمل وهو عمل أهل المدينة اهـ، وقال: وقص الشارب أن يأخذ ما طال على الشفة بحيث لا يؤذي الآكل ولا يجتمع فيه الوسخ، وقال عمر بن عبد العزيز: "السنة في الشارب الإطار"، قال الإمام النووي: والمختار في الشارب ترك الاستئصال والاقتصار على ما يبدو به طرف الشفة والله أعلم"اهـ.