وقد فطر الله الناس قابلين للحق متهيئين لإدراكه مائلين منساقين إليه، إذا خلوا وأنفسهم، بعيدين عن الوساوس الشيطانية والأهواء البشرية، ومن هذه الأمور التي فطر الناس عليها قص الشارب وإعفاء اللحية، والسواك واستنشاق الماء، وقص الأظافر، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء، والمضمضة.. هذه الأمور ملائمة لفطرة الإنسان ملائمة تامة. ولقد أكد الشارع أمرها فحث عليها ليذكر الناس بأصل فطرتهم وليكونوا على أحسن الصفات وأكمل الهيئات: قال شيخ الإسلام ابن حجر: ويتعلق بهذه الخصال مصالح دينية ودنيوية تدرك بالتتبع منها: تحسبن الهيئة، وتنظيف البدن جملة وتفصيلا، والاحتياط للطهارتين، والإحسان إلى المخالط والمقارن بكف ما يتأدى به من رائحة كريهة، ومخالفة شعار الكفار من المجوس واليهود والنصارى وعباد الأوثان، وامتثال أمر الشارع والمحافظة على ما أشار إليه قوله تعالى {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} لما في المحافظة على هذه الخصال من مناسبة ذلك، وكأنه قيل قد حَسَّنتُ صوركم فلا تشوهوها بما يقبحها أو حافظوا على ما يستمر به حسنها، وفي المحافظة عليها محافظة على المروءة والتأليف المطلوب، لأن الإنسان إذا بدا في الهيئة الجميلة كان أدعى إلى انبساط النفس إليه، فيقبل قوله، ويحمد رأيه والعكس وبالعكس اهـ ولقد أغوى الشيطان الكثير من الناس وأضلهم عن فطرتهم وصرفهم عما جبلوا عليه، وزين لهم ما لم يكن من شأنهم وهيأ لهم أن حسن الهيئة وزينتها في تغيير هذه الفطرة ورفضها، وسار على ذلك المشركون، وتبعهم عليه نفر من المسلمين. فتركوا شواربهم لم يقصوها، وأنهكوا لحاهم، وأعرضوا عن الاختتان، وتركوا شعور العانة والإبط، وأطالوا أظافرهم، وتركوا الاستنشاق بالماء، والمضمضة، والاستنجاء بالماء، وتركوا البراجم، وأعرضوا عن السواك الذي هو مطهرة للفم ومرضاة للرب، واتبعوا في ذلك أهواء الذين لا يعلمون قال تعالى {اتَّبِعُوا مَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015