أقول: وقد اعتز رسول الله صلى الله عليه وسلم بمولاه سبحانه وتعالى في أعصب المواقف، وعلم ذلك أصحابه رضي الله عنهم، ليكون لنا في ذلك أعظم قدوة. وبيانا لذلك أسوق من الحديث الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه: بسنده. عن البراء رضي الله عنه قوله في شأن غزوة أحد: "فأصيب سبعون قتيلا، وأشرف أبو سفيان، فقال أفي القوم محمد؟ فقال: "لا تجيبوه"فقال: أفي القوم ابن أبي قحافة؟ قال: "لا تجيبوه"، فقال: أفي القوم ابن الخطاب: فقال إن هؤلاء قتلوا، فلو كانوا أحياءً لأجابوا. فلم يملك عمر نفسه، فقال: كذبت يا عدو الله، أبقى الله عليك ما يخزيك. قال أبو سفيان: أعْلُ هُبَلْ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أجيبوه" قالوا: ما نقول؟ قال: "قولوا: الله أعلى وأجل"، قال أبو سفيان: لنا العزى ولا عُزَّى لكم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أجيبوه" قالوا: ما نقول؟ قال: "قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم". وهذه إجابة تحمل عظيم الاعتزاز بالله تعالى مولى المؤمنين الذي يتولى أمرهم، ويدبر شؤونهم، ويظهرهم بالنصر على أعدائهم، في مقابلة أن أولئك الأعداء لا مولى لهم يدبر أمرهم، وينصرهم إلا ما يعبدون من العزى الساقطة التي لا تملك لهم -فضلا عن نفسها- نفعا ولا ضرا.
الولي:
هو اسم من أسماء الله تعالى الحسنى.
ومعنى الولي الناصر، وهو على وزن فعيل على صيغة المبالغة بمعنى فاعل، أي إنه عظيم النصر لعباده المؤمنين.
* وقد ورد هذا الاسم الكريم في القرآن الكريم أربع عشرة مرة [30] .
* منها خمس مرات بلفظ "وليِّ"بالرفع، وذلك في قوله تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (البقرة آية 257) .