مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ} (الأنعام/6) ، ويقول: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا} (يونس/13) ، كما أن المقارنة الدائمة بين الخير والشر والخبيث والطيب والصواب والخطأ يساعد على تكوين البصيرة في الإنسان ولذلك نجد القرآن يكثر من المقارنات:
يبين المواقف والأشياء، ويدعو القرآن أيضاً إلى استعمال العقل في قياس الأمور لأن ذلك من دلائل البصيرة، وقد تميز أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة التي رباهم عليها مما جعل القياس عند المسلمين مصدراً من مصادر الشريعة بعد القرآن والسنة والإجماع ولولا أن الرسول صلى الله عليه وسلم مارس ذلك مع أصحابه فيما عهد إليهم من مهام ولا يجدون فيها نصاً من كتاب الله لما كان للقياس تلك الأهمية مثل ما فعل سيدنا عمر في حد شارب الخمر عندما استشار فأفتاه سيدنا علي بالجلد ثمانين جلدة قياساً على حد القاذف لأنه إذا شرب سكر فهذي فافترى وحد المفتري القاذف ثمانون جلدة ومثل هذا كثير عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تميزوا به من نفاذ البصيرة والحكمة.
والتعود على الحقائق وممارستها من عوامل تكوين البصائر لأن الحقيقة تدل على جانب الخير في الفعل وجانب الشر فيه فيكون القرب والبعد مبنيان على معرفة حقيقة الخير وفائدته سوء الشر وضرره ولا يستوي العالم والجاهل.