بالخير من الريح المرسلة وكان أجود ما يكون في رمضان وكان أزهد الناس فهو لم يشبع ثلاثة أيام تباعاً وكان أكثر الناس توضعاً يأكل من عمل يده ويجيب دعوة من دعاه يجلس حيث ينتهي بأصحابه المجلس يرقع ثوبه ويخيط نعله، يحلم عن المسيء ويعفو ويصفح بما لم يحدث في التاريخ حين قال لقريش: "اذهبوا فأنتم الطلقاء" وكان أشجع الناس، وأقواهم يتقي به أصحابه إذا حمى الوطيس واحمرت الحدق، ثبت على مبدئه حين عرضت قريش على عمه ما عرضت، ولذلك كله ولغير ذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم القدوة الأولى للمربين والمتربين كما كان أصحابه الأجلاء رضي الله عنهم القدوة بعده في الصفات السابقة كما دعا إلى التأسي بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم" وقد كانوا كما قال عنهم عبد الله بن مسعود: "أبر الأمة قلوباً وأعمقها علماً وأقلها تكلفاً وأقومها هدياً وأحسنها حالاً". إن الطفل يكون أكثر الناس حاجة إلى القدوة الحسنة في حياته الأولى الأمر الذي يضع على كاهل المحيطين به عبء كبير فالطفل يعتقد أن ما يفعله والده ومدرسه هو الحسن والخير وأن ما يتركه الوالد والمدرس هو القبيح والشر، والطفل مطبوع في هذه المرحلة على المحاكاة والتقليد وتنطبع في نفوسهم كل الصفات التي كانت سلوكاً لأسوتهم.
وليس معنى هذا اقتصار القدوة في السلوك على الآباء والمربيين إنما تتمثل القدوة في المجتمع كله بمؤسساته: البيت والمدرسة والمسجد ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة فإذا وجد في قطاعات المجتمع القدوة الصالحة كانت التربية ناجحة لأن الطفل لا يحس بالتناقض في الأخلاقيات أو التباعد في السلوك بين أنشطة المجتمع الموجهة.
إن القدوة الحسنة من الآباء والمربين ومؤسسات المجتمع من أهم العوامل المؤثرة في التربية والهادية إلى الخير والمهيئة للفرد النافع للمجتمع والحياة.
ثالثا- الوسائل العاطفية: