ولذلك يرى الغزالي أن تزكية النفس بأمرين الأول- الابتعاد عن المعاصي ثم ممارسة الطاعات والعبادات.
وتجري عملية التزكية باتخاذ الوسائل السابقة في الارتقاء بالنفس من النفس الأمارة بالسوء إلى النفس اللوامة التي تستقبح المعصية وتلوم صاحبها بعد أن كانت لا تحدثه إلا بالسوء ولا تأمره إلا بالمعصية ثم ترتفع النفس إلى مقام الملهمة التي ألهمها الله الخير والشر {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} (الشمس/8،7) ثم ترتفع درجة إلى مستوى النفس المطمئنة الراضية بقضاء الله وقدره ثم كانت نفساً راضية باطمئنانها {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي} (الفجر/27-30) فهي قد دخلت أخيراً في زمرة العباد الذين قال الله عنهم {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} (الحجر/42) والجنة جنتان جنة الدنيا وهي المعرفة والعلم والحكمة.
والإنسان بتزكيته لنفسه يحرر نفسه من الخضوع للشهوات والرغبات ويرتقي إلى مقام العبودية لله.
ثانيا: الوسائل الاجتماعية: وتتمثل في:
1- الرفقة الصالحة:
الإنسان بطبيعته متأثر بغيره آخذ عنه سواء أحس بذلك أم لم يحس خاصة في مراحل الصبا فالرفقة الصالحة وهم الذين يسمون: (بشلة الرفاق) هم من وسائل التربية الأخلاقية والنفسية والعقلية للناشئة وواجب الآباء أن ينتقوا لأبنائهم هذه الرفقة بطريقة غير مباشرة من أصدقائهم الصالحين لأن صداقة الآباء تقتضي الزيارة والخروج في رحلات تعمق الصلات بين الأبناء وعن ذلك يقول ابن سينا: "أن يكون الصبي في مكتبه مع صبية حسنة آدابهم، مرضية عادتهم لأن الصبي عن الصبي القن وهو عنه آخذ به وآنس" [4] .