فدعا البشرية كلها إلى هذا الخير، وبيَّن لها سبيله، وأوضح لها معالمه، كما بين لها طرق الشر، وحذرها من سلوك سبله، وقد ترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، وسلك طريقه خلفاؤه الراشدون من بعده، وقد حثَّ صلى الله عليه وسلم أمته على التمسك بسنته وسنة خلفائه الراشدين من بعده، وبسلوك المسلمين لذلك المنهج في العبادات والمعاملات سادوا البشرية جمعاء، لنشرهم العدل بينهم وإخراجهم من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، فعم الإسلام شرق الأرض وغربها في فترة لم يحدث في تاريخ البشرية كلها مثل ذلك لدعوة من الدعوات، وما ذلك إلا لسهولة ويسر تعاليم الإسلام لتمشيها مع الفطرة البشرية، ولإخلاص حملة هذه الرسالة وحبهم إيصال هذا الخير إلى الناس جميعا، دون أن يكون هدفهم التكالب على رئاسة، أو طلب جاه في الدنيا، وإنما كان همهم أن تكون كلمة الله العليا. ولذا نجد أنه إذا صدر أمر من الخليفة لقائد الجيش في أثناء المعركة بأن يسلم القيادة لجندي في جيشه ليكون قائداً بَدَلاً منه، سلمه إياها، وأخذ سيفه وانطلق جندياً يقاتل في سبيل الله تحت قيادته لأنه يعمل لله لا لمنصب ولا جاه.

وحين تخلى المسلمون عن هذه الروح الإسلامية وسلكوا مسلكا يخالف النهج الذي رسمه لهم سلفهم الصالح في العبادات والمعاملات وجميع شؤون الحياة، بدأت الحال تتغير، فدب الوهن في جسم الأمة الإسلامية، فتفرقت كلمتها، وتشتت شملُها، وتمزقت وحدتها، وأصبحت شيعا وأحزابا، يقتل بعضهم بعضا، ويلعن بعضهم بعضاً، وليس هذا من الإسلام في شيء.

ونجاح هذه الأمة مرهون بعودتها إلى ما كان عليها سلفها الصالح، إذ لا يصلح هذه الأمة إلا ما أصلح أولها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015