2- ومما يقرب من سابقه تفسير الاطلاع بما قاله الألوسي [174] : "أي تعلو أوساط القلوب وتغشاها، وتخصيصها بالذكر، لما أن الفؤاد ألطف ما في الجسد وأشده تألما بأدنى أذى يمسه، فهو أنسب بما تقدم من جميع أجزاء الجسد".
3- أن المقصود بالاطلاع: العلم، قال الزمخشري [175] : "ومعنى اطلاع النار عليها أنها تعلوها وتغلبها وتشتمل عليها أو تطالع على سبيل المجاز معادن موجبها"اه.
وقد بسط هذا الرأي الأخير للزمخشري الألوسي [176] حين قال: "..أو أن يراد الاطلاع العلمي - والكلام على سبيل المجاز - وذلك أنه لما كان لكل من المعذبين، عذاب من النار على قدر ذنبه المتولد من صفات قلبه، قيل إنها تطالع الأفئدة التي هي معادن الذنوب، فتعلم ما فيها فتجازى كلا بحسب ما فيه من الصفة المقتضية للعذاب".
4- وجمع الشيخ محمد عبده [177] بين قولي الزمخشري آنفي الذكر فقال: "ولا يخفى عليك أن الفؤاد إنما يطلق على القلب، إذا لوحظ أنه بمعنى موضع الوجدان والشعور، فكأنه قال: التي تعلو مشاعرهم، ومداركهم، ومواطن الوجدان من نفوسهم، أي أن سلطان هذه النار على قوى الوجدان والشعور التي هي مواطن النيات والمقاصد، ومساكن الفضائل والرذائل، وقد قيل: إن معنى الاطلاع هنا المعرفة والعلم، أي أن هذه النار تعرف ما في الأفئدة؛ فتأخذ من تعرفهم أهلا لها، من أهل الوجدان الخبيث.
والنار التي تعرف [178] من يستحق العذاب بها لا تكون من النيران المعروفة لنا في الدنيا، بالضرورة، وعلى كل لا يخلو الكلام - على هذا التأويل الثاني - من التمثيل والتجوز".
5- وأما القائلون بالتفسير الإشاري [179] فكان رأيهم الذي ذكره عنهم الألوسي [180] هو "إن ما ذكر إشارة إلى العذاب الروحاني الذي هو أشد العذاب".