1- حمل الرؤية على حقيقتها، وكذلك التغيّظ والزفير، وليس هناك ما يمنع من أن يجعل الله لها حسا وإدراكا، وقد وصف القرطبي [160] الحمل على الظاهر بأنه هو الأصح، مستدلا بما روي مرفوعا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كذب علي متعمدا فليتبوأ بين عيني جهنم مقعدا"، قيل يا رسول الله وهل لها عينان؟ قال: "أما سمعتم الله عز وجل يقول": {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً} (12: الفرقان) ، "يخرج عنق من النار له عينان تبصران، ولسان ناطق، فيقال وكلت بكل من جعل مع الله إلها آخر، فلهو - أي العنق - أبصر بهم من الطير بحب السمسم فيلتقطه" [161] .

وقيل: ترى النار أصحابها من مسيرة مئة عام [162] ، وقيل: خمسمئة عام [163] ، وهذا هو معنى {مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} عند بعض المفسرين، وهذه الروايات غير مرفوعة إلى المعصوم صلى الله عليه وسلم، فهي ليست إلا من باب الحشو والتزيد.

2- فسرت الرؤية بمعنى: إذا رآهم خزنتها، سمع المعذبون تغيظا وزفيرا، وهذا من الآراء المذكورة في تفسير الآية [164] ، وجوزه الزمخشري بقوله [165] : "ويجوز أن يراد: إذا رأتهم زبانيتها نغيظوا وزفروا غضبا على الكفار، وشهوة للانتقام منهم"اه.

3-حمل الرؤية على المجاز بمعنى: إذا ظهرت لهم فكانت بمرأى الناظر [166] أو بعبارة الزمخشري [167] : "..رأتهم.. من قولهم: "دورهم تتراءى وتتناظر، ومن قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تتراءى نارهما" [168] ، كأن بعضها يرى بعضا على سبيل المجاز، والمعنى إذا كانت منهم بمرأى الناظر في البعد سمعوا صوت غليانها، وشبه ذلك بصوت المتغيظ والزافر"اه.

رد ابن المنير على الزمخشري:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015