10- اختيارنا في المسألة:

والحق أن اختيارنا في المسألة لا يخالف في شيء ما اختاره شيخ المفسرين، واستدل له بصريح دلالة ألفاظ القرآن، وبما برهن عليه السياق [67] ، ومع هذا فإن المنهج العلمي يقتضينا أن نذكر الرأي المخالف ليكون القارئ على بينة، وقد وجدنا عند القاسمي جلاء وبينا لهذا الرأي.

11- رأي القاسمي:

عرض القاسمي للقراءات في الآية ثم للإشكال فيها، فقال [68] : "وهاهنا قراءتان: الأولى: {وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا رَبُّكَ} بالياء على أنه فعل وفاعل و {أَنْ يُنَزِّل} المفعول، والثانية بالتاء و {رَبُّكَ} بالنصب أي سؤال ربك، فحذف المضاف، والمعنى: هل تسأله ذلك من غير صارف يصرفك عنه؟ وهي قراءة علي وعائشة وابن عباس ومعاذ رضي الله عنهم، وسعيد بن جبير والكسائي.

قال أكثر المفسرين [69] : الاستفهام على القراءة الأولى محمول على المجاز؛ إذ لا يسوغ لأحد أن يتوهم على الحواريين أنهم شكوا في قدرة الله تعالى، لكنه كما يقول الرجل لصاحبه: هل تستطيع أن تقوم معي؟ مع علمه بأنه يقدر على القيام، مبالغة في التقاضي [70] ، وإنما قصد بقوله (هل تستطيع) هل يسهل عليك، وهل يخف عليك أن تقوم معي؟ فكذلك معنى الآية؛ لأن الحواريين كانوا مؤمنين عارفين بالله عز وجل، ومعترفين بكمال قدرته، وسؤالهم ليس لإزاحة شك، بل ليحصل لهم مزيد الطمأنينة، كما قال إبراهيم عليه السلام: {وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلبِي} ، ولا شك أن مشاهدة هذه الآية العظيمة تورث مزيد الطمأنينة في القلب؛ ولهذا السبب قالوا: {وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا} .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015