يقال ليس في الآيات المذكورات ما يدل على أن الشمس والقمر وغيرهما من الكواكب في داخل السماء ولا أنها ملصقة بها وإنما تدل الآيات على أن هذه الكواكب في السماء وأنها زينة لها ولفظ السماء يطلق في اللغة العربية على كل ما علا وارتفع كما في قوله سبحانه: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} . قال جماعة من المفسرين هاتين الآيتين: إن {في} للظرفية وأن {السماء} المراد بها العلو واحتجوا بذلك على أن الله سبحانه وتعالى في جهة العلو فوق العرش وما ذاك إلا لأن إطلاق السماء على العلو أمر معروف في اللغة العربية وقال آخرون من أهل التفسير إن {في} هنا بمعنى على وأن المراد بـ {السماء} هنا السماء المبنية كما قال سبحانه: {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ} أي على الأرض وعلى هذا المعنى يكون المعنى أن الله سبحانه فوق السماء فيوافق ذلك بقية الآيات الدالة على أنه سبحانه فوق العرش وأنه استوى عليه استواء يليق بجلاله عز وجل ولا يشابهه فيه استواء خلقه كما قال عز وجل: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} . وقال سبحانه: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} وقال تعالى: {فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} . ومن أنكر هذا المعنى ووصف الله سبحانه بخلافه فقد خالف الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة الدالة على علو الله سبحانه واستوائه على عرشه استواء يليق بجلاله من غير تكييف ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل كما خالف إجماع سلف الأمة ومن هذا الباب قوله سبحانه في سورة البقرة: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً