والإنسان عادة لا يستطيع أن يمنح شيئا ليس عنده، إذ فاقد الشيء لا يعطيه، والناس أعداء لما جهلوا، فإذا لم يكن الداعية على جانب من العلم والفقه يمكنه من شرحها، ودفع الشبهات والافتراءات عنها؛ كان ضرره عليها أكثر من نفعه.

ولهذا فإن الطفيل بن عمرو لما دخل الإسلام في قلبه تبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى دخل بيته ثم دخل عليه، وأخبره بأنه أسلم، وقال: اعرض علي أمرك، فعرض عليه الإسلام، وتلا عليه القرآن، ثم استأذن رسول الله في أن يدعو قومه إلى ما آمن به، فأذن له الرسول، ولما دعا الطفيل والده واستجاب قال له: اذهب فاغتسل، وطهر ثيابك ثم تعال حتى أعلمك ما علمت [56] .

هكذا يقول الطفيل: (حتى أعلمك ما علمت) ، وهو بهذا يدعو إلى شيء تعلمه وفهمه، إذ ليست الدعوة حماسا وخطبا ولكنها علم وعمل.

وأما ضمام بن ثعلبة فإنه لما وفد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم – لم يغادر مجلسه حتى تعلم أركان الإسلام، وعرف الحلال والحرام، وعاد إلى قومه فأعلن إسلامه، وقال لقومه: إن الله بعث رسولا، وأنزل كتابا استنقذكم به مما كنتم فيه، ثم نطق بالشهادتين وقال: وإني قد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه [57] .

وهكذا يكون ضمام قد تعلم وفقه ما يجب أن يدعو إليه قبل أن يقدم على تبليغ الدعوة، ويتحمل أمانتها، يجب أن يكون الدعاة في كل زمان ومكان.

2- نشر الدعوة واجب على الدعاة مهما كانت الظروف التي يوجدون فيها، فالإمساك عن التبليغ جريمة في حق الدعوة لا يغفرها إلا العمل الدائم من أجل لنشرها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015