وجبن عن الوقوف في وجه اللص فقام صاحبه وأمسك اللص وشد وثاقه ومع ذلك لم يأبه صاحب البيت للأمر بل نام وقال لصاحبه "كلها عيشة وآخرها الموت".
وقد إتهم النديم صاحب البيت بالغباء، وعدم معرفة قدر نفسه وشرف بيته، وطالب أمثاله بالنظر إلى الإفرنج الذين يهاجرون من بلادهم ويتحملون المشاق لكسب الدراهم وذكرهم بأن المدنية والتقدم لا تحصل عليهما البلاد عن طريق الجبن والكسل بل ببذل الجهد والعمل.
وعن الخرافات الشائعة في ذلك الوقت باسم "الإستخارة" و"المندل" تحدث النديم عن إقبال الناس عليهما فذكر أن أحد الدجالين حضر من المغرب مدعيًا أنه عليم بالإستخارة والخرافة الذائعة في مصر باسم المندل فهب الناس قائمين إجلالاً له وذهب إليه الكثيرون ليكتب لهم خرافة من أساطير الأولين، فكانوا يأخذونها فرحين وألسنتهم تقول (خذ من عبد الله وتوكل على الله).
وقد نصح النديم أبناء وطنه بعدم الإعتقاد في هذه الخرافات التي تعطل الفكر والإرادة لأنها لو كانت صادقة ما بقي في الدنيا غامض ولا مخبأ ولا إعتمدت عليها المحاكم في كشف السرقات والجناة ولصار أصحاب هذه الخرافات من أغنى أغنياء الدنيا.
وقد ندب النديم الوطن لتواجد مثل هذه البدع والخرافات فيه فقال هل توجد مدنية على جانب من الجهل مثل مدنيتنا وعقائدنا الواهية. يقوم الغربي من رقاده باكرًا ويفتح عينيه على قوته العاملة، ويقوم الشرقي صحوة النهار إلى مشعوذ سخيف ينظر في مستقبله فينحرف هذا حتى يشبع ذاك مالاً.
كما انتقد النديم تقليد الناس. لبعض الأفراد دون النظر إلى النفعة التي ستعود عليهم من ذلك فقال تحت عنوان "غفلة التقليد" (?) أن "رجلاً بنى بيتًا