- 223 -
حقيقاً بالخوف منه والبعد عنه ولا تتمكن من البعد عنه ورده عن مكايده الا بانتظامك في هيئة اجتماعية تجمع الاراء وتجذب قلوب الافراد وتحفظ الحقوق وتنادي بعزة حاكمها وسطوته في سائر الوجود وبهذا يندفع العدو ويضعف عن دخوله بالحيل والخداع فان المسئول امة عن امة والمدافع رجالها والحافظ روحها فهي كجسد تمت اعضاءه وتقوت اعصابه وجرت روح الحياة في سائر عروقه واوداجه ومن كان كذلك عز على عدوه ان يقرب منه فان كل عضو شديد الاحساس قائم بوظيفته التي فوضت اليه ومتى احس بطارىء سرى شعوره لجميع اجزاء الجسم فاهتز وتحرك ودافعت الحواس بما في طاقتها
واما حقه عليك من جهة النظام العام فهو اخلاصك في النصح والتزام الوعظ واجتهادك في طهارة القلوب من الغل والحسد وتخليص النفوس من الجهالة ودفع الافكار الفاسدة ورد الضال عن طريق الغواية وهداية البعيد عن الحق اليه وبث روح الوطنية والاتحاد في كل
جسم من الامة وتحذير الافراد من الفتن والدسائس والمجامع المضرة بالهيئة الاجتماعية وان تخطب قومك بما ينور افكارهم ويعرفهم حقوقهم ويصيرهم بين الامم نبهاء مدربين على الحكم والاحكام ولا تلزم طريقة الفقهاء في الخطابة الادبية فانها تفسد الافكار وتميت الهمم وتدعو الى الكسل والتهاون بالنوازل وكن كما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من خطبته الناس بما تلده الايام من الحوادث وكما كان عليه السلف الصالح والخلفاء الراشدون من خطبة الناس بوقائع الحروب ومعضلات السياسة فما فرضت الخطبة الا لتجمع الامة في ساعة واحدة في سائر الاقطار وتقف على الحوادث والاخبار لتأخذ حذرها من اعدائها وتحفظ مظهر حياتها وناموس دينها وشرف مذهبها الحقيقي. فاذا دعيت لمحفل ووقفت فيه موقف الخطيب فقل
سادتي وابائي واخواتي وابنائي
ان للزمان انياباً اذا نشبت بامة اهلكتها وابادتها وليست من العظم الذي يمكن كسره ولا في فك يسهل خلعه وانما هي امم تغدر امما ودول تريد الفتك بمن ضعفت قوته وتعددت كلمته ولزمه الخذلان. والعاقل من القى تلك الانياب بحكمة يقف بها على بواطن الدول ومقاصدها السياسية فلا يغتر بقول جريدة ليس لنا تداخل في مصر بعد علمه بانها تصدر عن لسان امة لها مائتا عام تحاول حل عروة نظامنا لتحتل بلادنا. ولا يركن لقول اخرى على الباب العالي ان يتداخل في هذه المسالة فانها تريد وقوع العداوة بين المصريين وغيرهم لينشب الفشل بين المسلمين (معاذ الله) فيسهل عليها التداخل فينا ونحن في عصر كشفت فيه الاسرار وظهر المخبأ فاصبح الطفل في كل دولة يتكلم مع اخيه بالمسائل الشرقية والانفاق الدولي فيها. وهذه المسائل هي الملعب للافكار السياسية في كل دولة فترى الدولة