- 221 -
بمقتضى عوائدهم وطباعهم واخلاقهم وحفظ لهم ناموس الشريعة المتمسك بها معهم وخاف عليهم خوفه على ولده واهله فانه يعلم انه بهياءتهم الاجتماعية ملك عظيم وبدونهم فرد من الافراد. وانظر لبلادك التي انت فيها تجدك محظوظا بحاكم ولد في ارضك وتربى على مطعومك وفطر على لغتك وعاداتك فهو يعاملك معاملة ابيك تدعو فيجيب وتترافع فيسمع وتدخل عليه فيقابلك ببشر وطلاقة ويخاطبك بلغتك ويسالك عن حالك وحال اخوانك الوطنيين ان غنمت شيئاً فرح لفرحك وان اصابك امر تكدر لكدرك وساعدك على التخلص منه وان اخطاءت في امر والتمست العفو عفا وان غبت سأل عنك ثم تراه يقضي يومه في تنظيم الدولة وبقائها مخلدة باهلها وحفظها من يد الاجنبي وتصرفه فيها. ولو كان الحاكم من غير جنسك لعز عليك الوصول اليه وان وصلت جهلت لغته وان عرفتها كنت حقيراً في عينه ذليلاً بين يديه ولا ازيدك تحذيراً من سطوة الاجنبي وتحكمه ففي تاريخ بلاد امثالك التي حكم الاجنبي ما يحفظك من الميل اليه والخروج عن طاعة مولاك. واعلم ان الحاكم الروح والوطنيون الجسد فهو قوي ما قويت العصبية ضعيف ما ضعفت فكلما كان تعلقك به شديداً كان مجده بين الملوك عظيما واسمه جليلاً فعلى الامة التي تريد ان تقوى على اعدائها وتحفظ نظامها وبلادها ان تربط قلبها بقلب مولاها وتكون له حصناً يحتمي فيه وروضاً يتنزه في افكاره وضيفاً يدفع به العدو وترساً يتقي به سقطات الزمان بحيث تستميت في طاعته وتأييد سطوته وان ابتليت بسكني الاجانب في بلادها اخذت حذرها من فننها وخداعها وعاملتها معاملة الانسانية وسارت مع كل غريب بما يقتضيه حق الجوار والرحلة واكثرت المجامع
والمجالس لاحسان السيرة ورد السفهاء وحقن الدماء وحفظ الحقوق لئلا تضل السفهاء فتغري عليها الاجانب بسوء معاملتها وعدم معرفتها طرق الاجتماع والاختلاط
ويستحيل على الامة ان تكون جميعها اهل حماية وحماسة فان الصناعة والتجارة والفلاحة تقضي على صاحبها باشتغالهبها وانقطاعه عن غيرها وهذا مما يقضي على الحاكم باعداد الجيش وتدريب الفرسان على النزال والطعان لنازلة يدفعها وفتنة يطفئها وحصن يحفظه وعدو يرده والامة ان لم تساعده على هذا النظام بتسليم الابناء الاصحاء الاشداء للتمرين الحربي ومساعدته بالنفيس في المال يستعين به على نفقة الجند واعداد الذخيرة ضعفت السطوة وبادت القوة. والجند هم اسود البلاد وحفظة الملك بهم يبلغ القصد وينفذ اوامره ويبث الامن ويعظم في عين نظرائه
فكن رجلاً يهوي الحياة لعلة ... هي الحفظ لللاوطان والحاكم العلي
واياك والسعي خلف مقاصدك والخروج عن افكار الامة واغترارك بمحتال يجعلك سلماً لاغراضه