- 192 -

وداع وعزاء وتعذير

اخبرني من اثق به اخواننا الوطنيين انه رأى احد الشبان من اهل رومية عند افتتاح المجلس المختلط بالاسماعيلية قادما من بلدة لابسا ثوابا من الصوف (فانيلا) وبطوقه ررقبية (ياقة) لعدم اقتداره على قميص افرنجي وبرجله جزمه بلا شراب وعليها سترة خلقه وبنطلون قديم فسأله عن سبب قدومه فقال له اريد ان اشغل بصنعه الترافع (الافوكاتية فقال له ولم لم تشتغل في الاسكندرية فقال الاسكندرية فيها علماء في هذا الفن ولا يمكنني ان اشتغل معهم وهم كثير وعلى الخصوص ليس هناك من الفلاحين احد ثم اشتغل بهذا الفن سبع سنين في الاسماعيلية والمنصورة وعزم الان على توجهه لرومية ليقم بها وقد غنم في هذه المدة خمسة وثلاثين الف جنيه بعد مصرفة في ماكله ومشربه وملبسه ومسكنه وملاذه فنحن نودعه داعبن له بالسلامة مهنئيه بالغنمبة الباردة التي غنمها بعلمه من الجهلاء واخذها بحيلة من السذج البسطاء وسلبها بلينه من صاحب الجفوة على اخوانه الوطنيين ونرجوه ان لايحرض احداً على قدومه علينا فقد كفى ما جرى وحسبه ماغنمه

ونعزي الفلاح المسكين على درهمة الذي انفقه في ضياع اطيانه ليعدم الثروة المادية والادبية معا كما نرجوه ان يعلم ولده لئلا يقع فيما وقع فيه فيكون ضرره في البلاد اكبر من نفعه فانه بحالته صبر ملكه في يد غيره وبسوء تصرفه عدم منبع رزقه ومعدن قوته وبعدم معرفته الاحكام وحالة الترافع غبن وهو لايشعر

ونعذر ابناء وطنه على عدم المسابقة قي هذا الميدان حتى يدركوا من تقدمنا فيه ويكونوا لاخوانهم الوطنيين من النصحاء في اشغالهم واحوالهم وليس هذا من المستحيل عليهم بعد ان رأينا العدد الكثير من اذكيائنا وتبهائنا ترقى لمقام القضاء في تلك المجالس بما انقنه من العلوم وعرفه من القوانين فلو اتقنت فئة فن الترافع وتحصلت على الشهادة لوقفت في الميدان الذي وقف فيه هذا المودع فكم يين اظهرنا من مثله الذين تعبوا في المدارس وشغلوا افكارهم حتى بلغوا هذه الدرجة وصاروا من علماء هذا الفن وسنودعهم بما ودعنا به هذا لنغنم من أهليهم الدعوات الصالحات عندما يقدمون عليهم حاملين اوراق الالوف من الجنيه بعد الرحلة على وشك التلف من شدة الضنك والفاقة ولا شك انهم يدعون لنا بسؤ التصرف وبقاء الجهالة حتى لاتحرم ابنائهم من هذه الغنائم فمن لنا بقائل خابت آمالهم وانعكس رجائهم فقد اصبح القطر روض معارف وبستان آداب وتأدب الفلاح وتاب عن

القرض بالفوائد الباهظة ورجع عن سؤ تصرفه وصرفه الف جنيه فيما يمكنه ان يشتربه بخمسين وعاد لحاله الاولى ياكل وينام آمنا في بيته ولا يشتغل الا باصلاح ارضه وما فيه عمار بلاده

طور بواسطة نورين ميديا © 2015