- 111 -
جربت الزمن ان تحل عروة الاتحاد بسعاية من تعددت مساعيه الشرية وبعده منها ايام الاصلاح وتملقه اليها زمن فتنته. ولكن لكل باغ مصرع ولكل ساع مقصد. فيا ايها الانسان صور الحق بين عينيك وغالب نفسك فما الجهاد الاجهاد النفس والزامها طريقة الاعتدال وردها عما يحدثه الغضب من فرية تمام او اكاذيب ولا تساعدها الا على الاحسان ولا تأخذ الامور بظواهرها واتبع الحق وان عز عليك ظهوره
حدث الحجة العيان عن الثقة الزمان انه احاط بالاكوان علما وراي سائر الموجودات بعيني بصره ووقف في طريق الوجود تمر عليه الكائنات مختلفة الاجناس متغايرة الاوضاع متباينة الطباع وهو يكتب لكل تاريخ حياته ومقدار اعماله وبينما هو يراجع سجلاته ويقيد حوادثه طلب منه الحال حديث الاسد والذئاب اذ راه يكتب تاريخه وهو كاسف البال باكي العين متغير اللون فتنفس الصعداء وتنهد وتأوه وان واضطرب وقال ان لم تبك معي فتباك وان لم تمرض فتمارض فان هذا الحديث يفطر الاكباد ويخفق القلوب ويبكي الصخور ويحرك الجماد اسفا عند سماعه بينما الوجود في اختلاف لا يعرفه ائتلاف ونفرة لايصحبها اتحاد وبغض لا يدفعه حب وفساد لا يغلبه اصلاح تغلبت على الغابات الوحوش وتسلطت على صغار الحيوان وضعفاء البهائم وقد حيل بين الضعفاء وبين ما يشتهون وضرب بين كبار الوحوش بسور لا يتسوره الا القوى ولا يقف عنده الا المقسط القانع اذ ظهر اسد الاجمة فعارضه الكثير من الضباع والذئاب فاخذ الاسد يمالئهم ويجاريهم في افكارهم وعاداتهم حرصا على الغابات ورغبة في انتظام جماعة الوحوش واستنقاذهم من مخالب الاغراض والشهوات فعارضه الكثير منهم وانكروا عليه ما جاء به من النظام وما يدعو اليه من وحدة الاتحاد فاخذ يحمل عليهم بجيشه الحملة بعد الحملة وهم يهزمون بين يديه ويخضعون اليه حتى تمكن من توحيد الكلمة مع اختلاف الاجناس وسير الجميع تحت نظام واحد فلما قضى نحبه قام بالامر بعده اسود اشتدوا وطاءة وعظموا بطشا فتغولوا في الغابات والقوا عددا من الحيوان لا يدخل تحت حصر فثبتت اقدام سطوتهم وعلا شانهم حتى ملاوا القلوب محبة والنفوس رغبة بسيرهم في استقامة لا يعرفها اعوجاج والفة لا يمازجها نفرة واتحاد لا يداخله خذلان وقد سار الذئب مع الغنم والهر مع الفار والضبع مع الحمار لوقوف كل عند حده وامنه على حقوقه واستوائه مع غيره في السكني والمعاملة والنظام ولم يزل امرهم قائما يؤيده اسد ويمكنه ليث حتى تغلب عليهم بعض النمور فانقادوا اليه وسلموه الزمام فحاول السير على ما كانوا عليه