الخوف ما ألذه تلك اللذة ما أخوفها! لقد سمع بالأغوال والسحرة فهو يقف. وهنا على باب داره فيرتب مرور هذه الخلائق وكأنه يلمح فى الظلام أشباحها ويسمع من أقصى الليل أجراسها. وكذلك أول نزهة فى الريف وأول غمسة في النهر وأول انسيابة فوق الثلج وأول عدوة في القمراء كل هذه فصول جديدة من الفرح واللذة في كتاب الحياة. وماذا في الكتب الممتعة: ألف ليلة وأبطال المسيحية السبعة وروبنسن كروسو وسفر الحجاج من كنوز الفكر ومعادن الطرب! لهى والله البرد المحبر يلف الطفل فيه الدنيا حتى العالم كله في عينه كوشي الطاووس أو أبهج! وكذلك يمضي السائح الصغير بين مشاهد الطبيعة ذلك السفر الذى بدأه فرحاً مسروراً له من محاسن فتنته وجواذب خلابته. وسذاجته التي تخال منتهى الحكمة والعقل. وخلاعته التى تفوق غاية الكمال والنبل. أقوى باعث ومثير لحب الأهل والأقارب الذي هو كالؤه وراعيه. ومهذبه ومربيه. وهكذا يشب وينمو تحفة البيت ولذته والبيت ترن جوانبه بصدى ندائه. وضحكه وغنائه. ونَصوَّغ حجراته. وتأرج ساحاته. بشذا تلك الوردة الناضرة - الطفولة.
والدار موطن الرجل كما هي موطن الصبي. والذي يحدث بالدار من الأمور. ألصق بنفوسنا وأمس بأرواحنا مما يقع بمجالس البرلمان. ومعاهد العلم والعرفان. والشؤون المنزلية هي حقاً شؤوننا أنا ما يدعونه الشؤون العامة فقد لا يكون من شؤوننا. وكأني بمن أراد أن يعرف حقيقة تاريخ البشر ويفقه روح العصر قد أخطأ الصواب وجار عن الهدي إذا هو قصد إلى البرلمان أو إلى البلاط لينشد هناك ضالته. ويبتغى نمت طلبته. وإنما بين جدران البيت يطلب سر الحياة ويلتمس روحها. وما همنا قط ولا عناناً كالذي يفعل بالبيت ويكابد والذي يجرى على المرء من نعمة ومحنة وكربة وفرجة وعلة وشفاء. وشقوة ورخاء. والحقيقة خير من التزويق لو نعثر على الحقيقة. وهل ترى في أبدع صحف المنشئين. وأعجب قصص المحدثين. شيئاً هو أملك للسمع وأسبي للقلب من حديث العراف الصادق الذي يستطيع أن ينبئك على الفور بحقيقة أحوال الإنسان. وما جرت به الأقدار مما يكون وكان. الذي يستطيع إيجاد علة كل حادث وسبب كل واقع والتأليف بين إرادة الخير الكائنة فى روح الطبيعة وبين ما يجرى على يدي الطبيعة من الشر والأذى وبين تاريخ الإنسان الطبيعي والأخلاقي. الذي يستطيع أن يشرح أحوال محنك ومصائبك