من أدبائنا فكر في تعليم الإنشاء على الطريقة التي ابتكرها الرافعي مع أنها الطريقة الطبيعية وما من كاتب قد نبغ في الكتابة إلا وهو يعرف من نفسه أنها كانت طريق نبوغه وإجادته والعيان يدلنا على أنه لو ظهر في الأمة ألف كاتب من كتاب الألفاظ لأخملهم كاتب واحد ينبغ بفكره وخياله ولأستبد بقصب السبق دونهم لأن الأمم لا تقاد بالألسنة ولكن بالعقول.

وهذه لغتنا العربية مملوءة بكتب الألفاظ وأساليبها حتى لا مزيد على ما عندنا منها ونحن مع ذلك أفقر الأمم كتاباً وأدباء بالمعنى الصحيح للكتابة والأدب فلو لم يكن الأمر على ما بيناه لكاثرنا شعوب الأرض بكتابنا وشعرائنا ولكان لنا في فنون القول ومذاهب الكلام مثل ما لهم أو بعضه وأين ذلك منا بل أين نحن منه وإنما أبرع كتابنا من برع في النقل والتعريب أو السلخ من كتابة كل أديب.

وبعد فحديث القمر كتاب كأنه قصيدة واحدة من أبلغ الشعر وأرقاه بل لا نظن أن الشعر وإن جوّد نظم وسبكة يبلغ مبلغ هذا النثر البديع من الفخامة والروعة وبلاغة التأثير فنحث كل من يطلب إمتاع نفسه باللذة العقلية أو الفائدة الكتابية على قراءته وتدبره فإنه ولا جرم يجده أولى بالضن وأحق بالحرص والعناية.

وهو يطلب من مكتبة البيان بمصر وثمنه خمسة غروش صحيحة عدا أجرة البريد وهي غرش واحد.

شرح الهاشميات

الهاشميات قصائد للكميت بن زيد الأسدي في مدح بني هاشم والعصبية لهم والنضح عنهم وهي أشبه بخطب سياسية مما يلقى لعهدنا في ندوة بعض الأحزاب الكبرى من عواصم أوروبا في نصر مبدء على مبدء ومظاهرة فريق على فريق ولذا خرجت من بارع الشع العربي وسريه بما بذل فيها الكميت من وجدانه. وما نفث من لسانه. وما استمد من شيطانه. وهي بعد من أقوى الحجج في اللغة وأجمل الآثار في البلاغة وقد جمعت إلى ذلك طول النفس وغزارة المادة مما لم يتأت لغيرها من شعر العرب - إلا قليلا - حتى جعلها الأدباء كأنها صنف من الشعر متميز بنفسه وحتى ضربوها في الأدب مثلاً وحتى استبدت هي بالكميت نفسه فلم يذكر له غيرها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015