العقلية. حتى تبت جنونه أو تقر سلامة عقله. ويؤيدون مطلبهم بقولهم أن درجة جنون أي شخص موضوع ينبغي أن يترك كلية للذين يصح لهم أن يدلوا برأيهم بفضل درسهم وعلمهم وهم يشكون من أن الطبيب الأخصائي في النظام الحاضر يعد كمية مهملة في محاكم الجنايات. فإذا نحن نظرنا إلى شكواهم فلا شك في أن شهادة الطبيب قد لا تحدث أي أثر في رأي القاضي أو المحلفين، وقد لا يقام لها بينهم وزن وليس ذلك لأن رأيه لا يقيد به. وإنما لأنه قد يدحض بشهادة أخصائي آخر. كما وقع أخيراً في المحكمة العليا إذ قال رجل من كبار الأخصائيين في لأمراض العقلية أن المجرم الذي طلبت شهادته عنه ضعيف العقل، ثم جاء أخصائي آخر لا يقل عنه شهرة فقال أن المجرم عاقل في تمام عقله. وإنما كل ما فيه أنه تحت تأثير نسائية شديدة فيه راسخة في تركيبه عواطفه ثم إذا نحن نظرنا إلى مطلبهم القائل بوجوب تقرير جنون المجرمين المشكوك في صحة عقولهم بمعرفة أخصائي أو أخصائيين عديدين، وجدنا أن الأخذ برأي طلب واحد مضر بمصالح العدل. وإذا تركنا جمعاً من الأطباء يدلون بآرائهم الفنية، ألفينا كثيراً من الاختلاف بين الآراء وبعضها البعض، ولا ينبغي أن نأخذ في العدل والقضاء بين الناس على طريقته القرعة والتصويت لأنه لا بد من القطع والجزم. ولكن إذا نحن فرضنا أننا وجدنا طبيبين قد اتفقا على رأي واحد، فهل نظن أن اتفاقهما يبنى على أسباب واحدة، وعلل متشابهة؟ وقلم يحدث ذلك، وأقرب حادثة لأثبات ذلك ما وقع في أحدى القضايا إذ قال أحد الأطباء عن الجاني أنه مجنون لأن طبيعته النفور من الناس ولأن له نظرات زجاجية ثم جاء طبيب آخر فقال بجنونه وإنما ذهب إلى أن جنونه ثبت من استغراقه زمناً طويلاً في لعبة البروج!

من كل هذا الجدل والحوار يخشى أن يخسر الأطباء القضية ويكسبها القضاء بالطبع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015