فجلس ثمت وأخفى عينيه في راحتيه وراح يئن ويبكي ويقول لنفسه. . لقد طرحت كل شيء. لقد نبذت الواجب. ورميت الشرف. وبذلت كل شيء ضحية وفدى ولن أستطيع بعد ما أصبحت هزؤة وسخرية في أعين الشعب والأمة أن أحاول رجوعاً إلى القصر.

وأخرج ساعة ونظر فيها فإذا الساعة الثالثة وعلم أنه يبعد عن العاصمة بمائتين وخمسين ميلاً وسيفتح المقصف والمرقص في الساعة التاسعة. ورأى أنه لو قطع أربعين من الأميال في الساعة - استطاع أن يكون على أبواب القصر في ذلك الميعاد، فلم تكد تجول في نفسه الخواطر حتى نهض واثباً من مجلسه. وعدا يجري بحمية هائلة إلى الوادي، ولكنه ما عتم أن فكر في ألأميرة فوقف في مكانه وتصور أنه قد يصل فلا يراها. وتقع إذ ذاك الفضيحة ولكن شعبه وواجبه نحو شعبه وأمته. وجعل يقول لنفسه أنهم على مر الزمن سينسون نبأ الأميرة التي هربت. وسيتزوج أميرة أخرى غيرها. ثم أبواه. أبواه. الملك الشيخ والملكة فصاح بنفسه. ما كان أحمقني وأضلني. كيف قبلت ذلك وكيف رضيت لها أيضاً أن تفعل ذلك.

ووجد نفسه بعد هذا يجري مطلقاً للريح ساقيه. واثباً لجداول الصغيرة عادياً فوق مياهاهها الضاحكة. متخطياً الجذوع المحطمة - وفروع الشجر المتساقطة.

أما الأميرة الفتاه فبلغت الاسطبلات وقد دقت الساعة واحدة وأرت عندها غلاماً يملأ وعاء من بئر هناك فنادته وسألته على رجلها المنشود فأجب الصبي أنه يعرف مكانه وانطلق يعدو ليناديه وفي الحال أقبل الرجل يمشي وراء الغلام فلما أشرف عليها تولاها شيء من الرعب إذ لاح الرجل في عينها كأنه مخيف الطلعة عن كثب وأشار الغلام بأنملته صوب الفتاة والتقط وعاءه ومضى منصرفاً وتقدم الرجل فإذا وجهه أحمر مجعد قذر.

قالت الفتاة تخاطبه. آه. هاأنت قد جئت. .

فرد الرجل قائلاً. . . هل من خدمة يا آنسة؟.

فاجابت - ألا تعرفني. . .

فهز رأسه وكشفت هي اللئام عن وجهها فنظر وحدق البصر للحال أجفل وتراجع.

قالت. . ما رأيك الآن.

فلعق شفتيه مضطرباً وقال متلعثماً ماذا تريدين يا صاحبة السمو.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015