أن نظن أن كل نظامنا الشمس شبيه بمذبح متسع بعد النواحي قاصي الأطراف تولد فيه الحياة الحيوانية لتشقى حتى يطيح بها الموت وليس هناك من عزاء ولا تأس في توهم أن النجوم الثوابت قد ترسل أضواءها إلى سيارات أسعد حالاً وأحسن شأناً من أرضنا فإن النجوم الثوابت قريبة الشبه لشمسنا من هذه الناحية وقد حلل العلم تلك الأشعة الضئيلة التي يكلفها نقلها إلينا السنين والأجيال وتحليل هذا الضوء يثبت أن المواد التي تحترق على سطوحها هي نفسها المواد المنتشرة المتماوجة حول الشمس التي لا تزال منذ خلق الإنسان وظهوره تبعث الحرارة في حياته الشقية المؤلمة السخيفة وأن تلك المشابهة كافية وحدها لتملأ جوانجي بالكره الممض الأليم للعالم.
وأن التجانس في التركيب الكيماوي يقوي في نفسي فكرة أنه ليس هناك اختلاف في احوال الروح والجسد بالعوالم الأخرى الممتدة إلى مسافات لا يتصور أبعادها ولا نتوهم حدودها وأكبر ظني أن كل المخلوقات المفكرة في عالم سيريوس أو في غيره تحيا حياة وبؤس وشقاء كخلائق هذه الأرض ولكنكم قد تقولون أن كل ذلك لا يكون الكون! نعم إن عندي شبهة قوية في أنكم في جانب الصواب وأني أشعر أن هذه العوالم الضخام العظام الرائعات ليست شيئاً والحقيقة التي أخفيها اني واثق من انه إذا كان هناك شيء فإن ذلك الشيء محتجب عن أبصارنا خاف على عيوننا واني لأشعر بأننا نعيش محفوفين بمجرد خيالات وتصورات وإن نظرتنا للكون هي نتيجة الكابوس الذي يتخلل ذلك النوم الهادئ العميق نوم حياتنا وأن ذلك لأشد الضربات وأفتكها لأنه من الواضح أننا لا ندري شيئاً وان كل الأشياء تعمل على خداعنا وان الطبيعة لتتهافت بجهلنا وعجزنا تهافتاً قاسياً مراً.
لذة المجهول
أشد اللذاذات تأثيراً في أرواحنا واهتياجاً لأشواقنا لذة المبهم الخفي وأن الجمال الغير المغطى بالسجوف والأستار ليس جمالاً وان أشد ما نهواه هو المجهول وأن الوجود ليصبح غير محتمل إذا منعنا لذة الأوهام وروقة الأحلام وان خير جزاء وأحسن هدية تقدمها لنا الحياة هي اشعارها إيانا بشيء لا يدركه التعبير ليس جزاءاً منها وأن الحقيقي يساعدنا بقدر ما في رسم وتصوير ناحية من نواحي الخيالي وقد يطون هذا أكبر مزاياه وأسمى فوائده.
الطفلة الصغيرة